للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطويلة فيها خلاف العلماء (١).

وينبغي لمن يدعي الدين وقد أذهب الله تعالى عن قلبه الغفلة والعمى أن يخالف نفسه بخروجه عن خلاف العلماء، ولا خلاف بين العلماء فيمن بسط شيئًا في المسجد ولم يجلس عليه ثم غاب إنه ابتدع، وخرج عن طريق الأحباب، ويخاف على المبتدع أن تصل وبال البدعة إليه يوم يوقفه الحق بين يديه.

ومما يناسب هذه البدعة الرَّدية: ما يفعله جهلة الصوفية في حَرَمِ خالق البرية، وفي الروضة المحمدية، وهذه أفعال غير مرضية؛ لخروج أصحابها عن السنة المضيَّة.

ثم اعلم أن الله تعالى أضاف المساجد لنفسه بقوله تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلهِ﴾ [الجن: ١٨]، سبب الإضافة لِتُعَظَّمَ ويَحْرُم بيعها، ولا يحوز أحدٌ (٢) فيها مكانًا لنفسه، ويقوم فيها بأدب ومخافة، فحينئذٍ يعظم هذا العبد، ويثبت كيسًا طريفًا (٣) من أهل الدين والخير والعفافة، قال : «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أَتْبعَ نفسَه هواها وتمنى على الله» (٤).

وقال بعضهم:

ليس الظريف بكاملٍ في ظرفه … حتى يكون عن الحرام عفيفًا

فإذا تورع عن محارم ربه … فهناك يدعى في الأنام ظريفًا


(١) دليل هذه المسألة ما أخرجه مسلم (٢١٧٩) عن أبي هريرة : أن رسول الله قال: «من قام من مجلسه، ثم رجع إليه، فهو أحق به».
قال ابن قادمة في «المغنى» ٢/ ١٠١: إذا جلس في مكان، ثم بدت له حاجة، أو احتاج إلى الوضوء، فله الخروج. فإذا قام من مجلسه، ثم رجع إليه فهو أحق به.
(٢) في (خ) لأحد.
(٣) في (خ): ظريفًا.
(٤) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>