للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي في الحديث الصحيح مثل هذه الحكاية: أن رجلًا يوقف بين يدي الله تعالى ويسأله، فيقول: يا رب، كنت أعامل الناس وأسامحهم. فيقول الحق سبحانه: «أنا أولى منك بذلك»، فيؤمر به إلى الجنة (١).

وهذا معنى الحديث، ولفظه ذهب عن المؤلف، ونسأل الله تعالى مسامحة (٢) لهذه النفس اللئيمة، الغادية في جهلها وغيِّها رائحة.

نرجع إلى مسألتنا، فالتواضع حسن، ومن الأمراء والكبراء أحسن.

قال الله تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص: ٨٣].

وقال : «طوبى لمن تواضع في غير مسكنة» (٣).

فمن تواضع لله ولعباده المؤمنين، وترك ما تقدم ذكره من البدع مع فرش البساط؛ رفع الله قدره في الدنيا والآخرة، وثبَّت قدميه على الصراط، فإن أبت النفس أن تكون بين يدي الله تعالى ذليلة مسكينة فإذا مُهِد له جلس على بساطه في الحال، ولا يخرج عن سنة صاحب المعجزات (٤) والسكينة، فإذا قام المصلي من مكانه لأجل ضرورة أو لعبادة فهو أحق بمكانه إذا غاب غيبة يسيرة. بهذا أخبرنا العلماء) (٥) والله أعلم بالصواب والسريرة، والغيبة


(١) أخرجه أحمد في «مسنده» ٢/ ٢٦٣ (٧٥٧٩)، والبخاري في «صحيحه» (٢٠٧٨)، ومسلم في «صحيحه» (٧٥٧٩)، والنسائي في «المجتبى» ٧/ ٣١٨ (٤٦٩٥)، وفي «السنن الكبرى» (٦٢٩٤)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٠٤٢) من حديث أبي هريرة أن النبي ، قال: «كان رجل يداين الناس، وكان إذا رأى إعسار المعسر قال لفتاه: تجاوز عنه لعل الله تعالى يتجاوز عنا. فلقي الله فتجاوز عنه».
وقد ورد من حديث ابن مسعود .
(٢) في (خ): المسامحة.
(٣) أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» ٥/ ٧١ (٤٦١٥)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٢٨٣٣)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٤/ ١٨٢، من حديث ركب المصري.
وقال الألباني: ضعيف. انظر «ضعيف الجامع» (٣٦٤٢).
(٤) زاد في (ط): والسنة.
(٥) إلى هنا نهاية سقوط ورقة من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>