ومن شؤم عادتهم ونحس قاعدتهم: أن حُكامهم إذا حكم أحدهم بحكم قبلوه، وإن كان مخالفًا للشرع، وإن حكم أحد من قضاة المسلمين أو من ولاة الأمراء وشهدوا عندهم بشهادة لم يقبلوا حكمهم، وردوا شهادتهم؛ وإن وافق حكمهم حكم الله ﷿ وحكم رسوله ﷺ وعلى الآل والأصحاب والأقارب.
وحجتهم أن هؤلاء القضاة والولاة ما رموا الواجب، فإن صح عنهم هذه المصائب؛ فقد خرجوا عن طريق المؤمنين؛ لقول رب العالمين: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥].
فالخطأ يقبلونه من حكامهم، والصواب يردُّونه من غير حكامهم، فيقال لهؤلاء المعتدين الذين ضل سعيهم وما كانوا مهتدين: قوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: ٤٤] فترى أحدهم قد غرَّه الشيطان فرماه في البدع والعصيان؛ فزاد في الدين ما ليس منه، وحكم (١) (بغير حكم الرحمن، ويزعم أنه على شيء، وأنه صادق فيما ادَّعاه من الكذب والزور والبهتان، ونسأل الله لنا ولهم حسن الخاتمة، والله المستعان.
قال الله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣]. في مذهب الرُّماة أنَّ من رمى أربعة من الطير فمتن من غير ذبح، فإذا جيء بهن إلى حلقة الرماة فطعن في طيرين ولم يمكن التمييز، وضعوا الطيور الأربعة في وسط حلقتهم، فتحمل باللفظ لا بالأيدي؛ لأجل ما طعن في البعض، ولم يمكن التمييز، فكل منهم يقول: صرعهن ورماهن، أما الطيران الحلالان من هؤلاء الأربعة على رأسي أو عندي، أي نعتد لك بهما. وإن رمى أربعة من الطير، وهي مذكاة طاهرة، فطعن في طيرين كما تقدم، يلقونهم في حلقتهم ولا يمسونهم ولا يحملونهم، بل يقولون: الطيران الحلالان نعتد لك بهما. أي