للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدخلوه في حزبهم. وأثبتوه عندهم من الشطار؛ وإن كان الرامي مخنثًا أو كافرًا أو فاسقًا من أنحس الفجار.

فإن رمى من غير هذه الأطيار شيئًا لا يؤثر عندهم، ولا يكرمون الرامي، ولا يسمونه شاطرًا (١)، ولا يسمون الطير واجبًا؛ وإن كان مذبوحًا طاهرًا.

فمن رضي بهذه البدع خرج عن السُّنة وكان عبدًا فاجرًا؛ لأن في الشرع: الشاطر من أطاع الرحمن، ولم يخرج عن حكم السُّنة والقرآن.

ثم إنهم أوجبوا في شرعهم على كل من رمى طيرًا لم يكن رماه من قبل: إما أن يأخذ الكبير قوسه، أو يعطيه دراهم تسمى بالسبق. وفرضوا لكل جماعة كبيرًا.

وهذه الأشياء ليس لها أصل في الشرع، بل كبراؤهم ابتدعوها وزينها لهم الشيطان، وما أنزل الله بها من سلطان، فيأخذوا من الرامي ما فرضوه (٢) عليه طوعًا أو كرهًا، وسواء كان الرامي غنيًا أو فقيرًا أو يتيمًا فهؤلاء الأشرار ما يأكلون في بطونهم إلا النار.

قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ [النساء: ١٠] وكل شيء لا أصل له في الشرع فهو باطل.

ونهانا الحق سبحانه عن أخذه؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: ١٨٨]. فإن لم يقدر الرامي على جُعْلِ الكبير لم يُدخله في حزبهم، ولا يشهد له، وهذا أيضًا من قلة الدين والسعادة لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ﴾ [البقرة: ٢٨٣].


(١) الشاطر في العامية: الماهر في عمله. وفي الفصحى: الخبيث الفاجر. وواضح من السياق أنَّ المصنف أراد الشاطر بمعناه عند العامة في عصره، ولا يزال مستخدمًا حتى عصرنا الحاضر، فيقال عن الذكي الحاذق الماهر: شاطر! (ت)
(٢) في (خ): أفرضوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>