للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانظر ماذا خصَّ الله به هذا العبد المبارك من بين الأنام، فتيقظ أيها الكاذب على هذا الإمام من غفلتك، ومن هذا المنام، قبل أن يكون خصمك يوم تقف بين يدي الملك العلام، يوم لا ينفع مال ولا بنون؛ إلا من أتى الله بقلب سالم (١) من البدع والآثام، وهذا بعض أوصاف هذا الإمام، الذي كرم الله تعالى وجهه عن السجود للأصنام، فما سجد لصنم (٢)، ولا اتبع من انهزم، ولا هتك الحرم، وبلغ من شجاعته أنه رمى بنفسه في المنجنيق، وخلص بعض الصحابة من الأسر والحريق، وضُرب يوم خيبر بسيف، فاتقاه بدرقته فعضَّت به، فألقاها ثم أخذ بابًا وترَّس به. فلما انهزم الكُفار، رمى الباب فاجتمع ثمانية من الصحابة فلم يقدروا على قلبه (٣). وضرب مِرْحَبًا على رأسه فشقه نصفين، وإذا بقائل يسمع صوته، ولا يرى شخصه: الله أكبر، لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي (٤).

وقوله تعالى: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ [الأنبياء: ٦٠] مدح المولى الجليل، أبانا إبراهيم الخليل (٥)؛ لأنه كسَّر الأصنام، واجتهد في خدمة الملك العلام، وكان يطعم الطعام، ويصلي بالليل والناس


(١) في (ق): سليم سلم.
(٢) وذلك لأن النبي قد بعث لما كان عليٌّ صبيًّا، فأسلم صغيرًا.
(٣) لا يصحُّ: أخرجه أحمد في «مسنده» ٦/ ٨ (٢٣٨٥٨)، والطبري في «تاريخه» ٢/ ١٣٧ عن أبي رافع مولى رسول الله ، قال: خرجنا مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله، فقاتلهم فضربه رجل من اليهود، فطرح ترسه من يده فتناول علي بابًا كان عند الحصن، فتترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ثم ألقاه من يده حين فرغ. فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه.
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٦/ ٢٢٣: رواه أحمد وفيه راوٍ لم يسم.
(٤) سبق تخريجه، وهو ضعيف.
(٥) الذين قالوا: «سمعنا فتىً» هم الكفَّار ولم يقصدوا مدحه بذلك، وإنما الإخبار أنه شاب حَدَث. ولفظ «فتى» في الكتاب والسنة ولغة العرب ليس من أسماء المدح ولا الذم، ولكن بمنزلة اسم الشاب والكهل والشيخ ونحو ذلك. «منهاج السنة» لابن تيمية ٥/ ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>