للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير (١).

فمن أطعم اليتامى وكسا الأرامل، فهو الفتى الكامل، وسيعود خير ذلك إليه في العاجل والآجل.

دخل رجل على الشيخ أبي العباس الشَّاذلي رحمة الله عليه، فقال الفقراء: يا سيدي، هذا الرجل فتًى. فقال الشيخ: يا بني، ليس الفتوة الماء والملح، إنما الفتوة الإيمان والهداية، قال الله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ [الكهف: ١٣]، والفتى كما قال تعالى لإبراهيم الخليل: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ [الأنبياء: ٦٠]؛ هو الخليل ؛ وجد أصنامًا حسِّيَّةً، فكسرها، فسماه الله تعالى فتًى، وأنت لك أصنام معنويةٌ، إن كسرتها فأنت فتى، وهي: النفس، والشيطان، والهوى، والشهوة، والدنيا. واسمع قوله: «لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي» (٢)، فانظر إلى هذه المدحة، وذلك لكثرة طاعته، وعلمه،


(١) عزاه السيوطي في «الدر المنثور» ٨/ ٣٧١ لابن مردويه عن ابن عباس. ولا يصحُّ.
(٢) كذب موضوع: أخرجه ابن عدي في «الكامل» ٥/ ٢٦٠، وابن الجوزي في «الموضوعات» ١/ ٣٨١ - ٣٨٢ من حديث أبي رافع قال: كانت راية رسول الله يوم أُحد مع علي بن أبي طالب، وكانت راية المشركين مع طلحة بن أبي طلحة … فذكر الحديث. وذكر فيه: أنَّ كل من كان يحمل راية المشركين يقتله علي حتى عد تسعة أنفس حملوها وقتلهم علي، وقتل جماعة من رؤسائهم يحمل عليهم، فقال جبريل: يا محمد، هذه المواساة، فقال النبي : «أنا منه وهو مني». ثم سمعنا صائحًا يصيح في السماء وهو يقول: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا عليُّ بن أبي طالب.
قال ابن الجوزي عقبه: هذا حديث لا يصح، والمتهم به عيسى بن مهران.
قال ابن عدى: حدث بأحاديث موضوعة وهو محترق في الرفض.
وقد روى أبو بكر ابن مردويه من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: صاح صائح يوم أحد من السماء: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي بن أبي طالب. ويحيى بن سلمة ليس ممن يكتب حديثه. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك الحديث.
وروى ابن مردويه من حديث عمار ابن أخت سفيان، من طريق الحنظلي، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: نادى منادٍ من السماء يوم بدر، يقال له رضوان: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي بن أبي طالب. قال الدارقطني: عمار متروك.

<<  <  ج: ص:  >  >>