للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيا من يدعي الفتوة، وهو تارك لطريق النبوة، يترك الجائع، ويطعم الشبعان، ويَكسو المردان، ويَترك العريان.

أَفِقْ أيها الإنسان! فقد غرَّك الشيطان؛ إذ أخرجك عن طريق النبوة، فنظرك إلى الأمرد حرام وطعامك شر الطعام، وقد خرجت عن طريق نبيك ، وقال : «شر الطعام طعام الوليمة؛ يدعى إليها الأغنياء، ويترك المساكين» (١).

قال السيد الجليل سهل بن عبد الله التستري: سيكون في هذه الأمة أناس يقال لهم: اللوطيون، وهم على ثلاثة أصناف: صنف ينظرون، وصنف يصافحون، وصنف يعملون ذلك العمل الخبيث (٢). وقد ذَمَّ الله تعالى اللوطي ولعنه. قال : «ملعون، ملعون، ملعون، من عمل بعمل قوم لوط» (٣).

والفتيان هم الذين أطاعوا الرحمن، وتركوا ما تقدم ذكره من البدع والهذيان، والزور والبهتان، ويكفيك في الفتوة هذا البيان: ليس الفتى من ضرب بالسكين، الفتى من أطعم المسكين. قال الله تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ [الإنسان: ٨] الآية. نزلت في حق علي بن أبي طالب ، وهو الفتى الكبير، روي ذلك عن أهل


(١) أخرجه مرفوعًا الحميدي في «مسنده» (١١٧٠)، ومسلم في «صحيحه» (١٤٣٢). وأخرجه موقوفًا على أبي هريرة: مالك في «الموطأ» (١١٣٨)، والبخاري في «صحيحه» (٥١٧٧)، ومسلم في «صحيحه» (١٤٣٢).
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (١٤٠)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٥٤٠٢) من كلام أبي سهلٍ، ولم أقف عليه من كلام سهل التستري.
(٣) أخرجه الحارث في «مسنده» (بغية الباحث: ٥٧٧) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، بإسناد ضعيف. وأخرجه أحمد في «المسند» (١٨٧٥) من حديث ابن عباس، بإسناد حسن، وذكر لفظ «ملعون» مرة واحدة، لكن في رواية أخرى عنده (٢٩١٤): قالها رسول الله مرارًا ثلاثًا في اللوطية. وفي رواية (٢٨١٦): «ولعن الله من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط» وكرَّر هذه الجملة ثلاثًا، وإسنادها صحيح. انظر: «الصحيحة» (٣٤٦٢)، و «الضعيفة» (٥٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>