للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبي اللَّيث السَّمرقنديِّ (ت: ٣٧٣ هـ) ، غير أنَّه غير متعصِّب لمذهبه، بل نجده ينقل من كتب الحنابلة أيضًا، كالمغني لابن قدامة (٢٢٣)، والمنتقى من الأخبار في الأحكام للمجد ابن تيمية (٤٠٥) في مسألة منع النساء من زيارة القبور، وخالف في ذلك الأصحَّ في مذهبه، كما خالف مذهب الحنفية وعامة الفقهاء في مسألة قراءة القرآن عند القبور (٤٢٤)، ونقل عن النووي (٧٧٩).

* * *

قد يظنُّ بعضُ الناس وبعضُ الظنِّ إثمٌ أنَّني عُنيت بتحقيق هذا الكتاب ونشره بدافعٍ قوميٍّ، لكون المؤلِّف تركمانيًّا؛ فقد ابتلي أكثر الناس في بلاد الإسلام بالنَّزعات والنَّعرات القومية والقبلية والوطنيَّة، وتغذِّي ذلك أحزاب سياسية ومخططاتُ أعداء الإسلام لتمزيق الأمة وتقطيع أوصالها، وجعلها قطعانًا يسهل تسييرها والتحكُّم فيها. ولا أحتاج إلى التكلُّف في دفع ذلك الظنِّ الفاسد فقد بيَّنت في مقدمتي الدراسية لكتاب: «الأحاديث النبوية في ذم العنصريَّة الجاهلية» للشيخ عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم رحمه الله تعالى؛ ما يجب على المسلم من البراءة من تلك النزعات والدعوات الجاهلية لمنافتها لحقيقة الرضا بالله ﷿ ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ نبيًّا ورسولًا. وفي تلك الدراسة وما في الكتاب نفسه من الأحاديث النبوية الزاجرة عن ذلك الاعتقاد والسلوك الجاهلي؛ حجة كافية، وموعظة بليغة لمن كان يبتغي وجه الله ﷿ والدارَ الآخرة، أمَّا من غفل عن الغاية التي خلق من أجلها، والمعنى الحقيقي لحياته ووجوده، وهو أن يعبد الله تعالى وحده لا يشرك به شيئًا، كما قال ربُّنا سبحانه: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، وغفل عن العاقبة والمصير والحياة الحقيقية الأبدية إما إلى الجنة وإما إلى النار: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: ٨٨ - ٨٩]، ويوم لا ينفع عرقٌ ولا قومية ولا لغة ولا لون ولا جنس: ﴿لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>