للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والسنة من غير تحريف ولا تأويل ولا تعطيل، ومن غير تمثيل ولا تشبيه ولا تكييف. وقد أحسن ابن بَيْدَكِينَ فختم كتابه بنبذة في العقيدة نقلها من عقيدة الإمام أبي جعفر الطحاوي الحنفي (ت: ٣٢١ هـ) المشهورة بالعقيدة الطحاوية (٧٩١ - ٧٩٧)، وفيها إثبات الاستواء، خلافًا لما وقع فيه من الخطإِ أثناء ردِّه على المرازقة (٥٠١ - ٥٠٦)، ومهما يكن؛ فهذه مسالك دقيقة لا يُحسِن ابن بَيْدَكِينَ الخوض فيها، وحسبه ما نقله من «العقيدة الطحاوية» ففيه الدلالة الكافية لصحَّة معتقده، وموافقته لأهل السنة والجماعة (١).

أما في الفقه فهو حنفيُّ المذهب، وذلك بحكم البيئة والنشأة، وعامَّة التركمان حنفيَّة (٢)، وفي علماء المذهب جماعة مشهورة منهم، كالعلامة عثمان بن إبراهيم بن مصطفى المارديني (٦٥٠ - ٧٣١ هـ)، وهو فقيه، من العارفين بالتفسير انتهت إليه رياسة الحنفية بالديار المصرية، وهو الذي قرَّظ لابن بَيْدَكِينَ على رسالته في «الفتوة»، وابناه: تاج الدين أحمد بن عثمان (٦٨١ - ٧٤٤ هـ)، قاضٍ وفقيهٍ، وعلاء الدين عليٌّ (٦٨٣ - ٧٥٠ هـ)، قاضٍ وفقيه ومحدِّث، له: «الجوهر النقي في الردِّ على البيهقي»، ويُعرفُ ثلاثتهم بابن التركمانيِّ رحمهم الله تعالى جميعًا.

إذن؛ فلا عجبَ أن نجد ابن بَيْدَكِينَ ينسب نفسه: «الحنفيَّ»، وينقل في مواضع من كتابه (٢٧٨، ٣١٣، ٥٠٨، ٥٤٢) عن الفقيه الحنفي الشهير


(١) ترى د. أسماء العلواني أنَّ التركماني تعمَّد إغفال مواضع من العقيدة الطحاوية، فلم يقتبسها لأنه رآها منتقدَةً، فلم يذكر فيها مثلًا ما جاء في الطحاوية: «ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه، والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان»، وكذلك ما جاء فيها: «والإيمان واحد، وأهله في أصله سواء»، وكذلك لما جاء عند عبارة الطحاوية: «ولا نشهد لهم بالجنة .. »، استبدل بها قوله: «ونشهد لمن … شهد له النبي بالجنة». ونجده في موضع آخر يصرِّحُ بعقيدة أهل السنة بأن الإيمان يزيد وينقص.
(٢) وإن كان في أعلامهم من ليس على المذهب الحنفي، كالإمام مؤرخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله الذهبي التركماني (٦٧٣ - ٧٤٨ هـ)، فقد كان شافعيَّ المذهب رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>