للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما ذكرت هاتين المرأتين وما اتفق لهما من الأحوال إلا توبيخًا لكثير من الرجال، ولمن يدعي الأهلية (١)، وقد شغل باللعب والكذب والأماني والمحال، ولم يخف تغيير الأحوال؛ ولا من سطوة شديد المحال، كما (٢) قيل في الأمثال: هذه العمائم، فأين الرجال؟! ولقد تشبه أهل الغفلة بالرجال بقالبهم لا بقلوبهم، والحق سبحانه لا ينظر لقالب ابن آدم، بل ينظر إلى قلبه (٣)؛ كما جاء في الحديث (٤).

فمتى كان القلب خاليًا من البدع واللعب والأكدار، ملئ بالخوف والحكمة والأنوار، قال بعضهم (فيمن تشبه بقالبه دون قلبه) (٥):

أما الخيام فإنها كخيامهم … وأري نساء الحي غير نسائها

لا والذي حجت قريش بيته … مستقبلين الركن من بطحائها

[ما أبصرت عيني خيام قبيلة … إلا بكيت أحبتي بفنائها] (٦)

ثم اعلم بأنه يثقل على النفس ترك المألوف، وإن كان ذلك لا (٧) يرضي المولى الرؤوف، ألم تسمع قوله تعالى: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [المزمل: ٥] أي يثقل العمل به.


(١) في (ق): الكبرية.
(٢) في (ق، ب): فقد.
(٣) في (ق، ب): لقلبه.
(٤) أخرج أحمد في «مسنده» ٢/ ٢٨٤ (٧٨٢٧)، ومسلم في «صحيحه» (٢٥٦٤) (٣٤)، وابن ماجه في «سننه» (٤١٤٣)، من حديث أبي هريرة ، قال: قال رسول الله : «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم».
وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١٨/ ١٩٣ - ١٩٤، من حديث أبي أمامة .
وأخرجه هناد في «الزهد» (٨١٦) عن الحسن مرسلًا.
(٥) ليست في (ق).
(٦) ليست في (خ).
(٧) ليست في (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>