للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حسنة (٨١٨ - ٨١٩). ونقدِّر أيضًا أن هذا الاختصار كان بتوجيه من ابن تيمية الذي لا يتسامح في ذكر روايات لا تصحُّ، خاصَّة عندما تُضعف الردَّ على المخالفين لاحتجاجهم بها بغير وجه حقٍّ (١).

وزاد ابن بَيْدَكِينَ (٨٢٢) إشارة غير وافية إلى تاريخ حدوث هذه البدعة، وهو مما شرحه شيخ الإسلام في فتياه عن الفتوة (٢).

إذا كان ابن عطاء الله أعظم تأثيرًا في التكوين المعرفي والثقافي لابن بَيْدَكِينَ، فقد كان ابن تيمية والدعاة من تلاميذه أعظم وأبلغ تأثيرًا فيه لسلوك منهج الاعتصام بالكتاب والسنة، ومنابذة البدع وأهلها، والغيرة على حرمات الشريعة، ومن المحال أن يخرج من مدرسة ابن عطاء الله وأمثاله من الصوفية الخرافية، المنحرفين عن السنة وأهلها مثل ابن بَيْدَكِينَ بغيرته الإيمانية، وحماسته الدينية، وحرصه على تجريد الاتباع للأسوة والقدوة ، كما يشهد به جميع صفحات كتابه، فمادته كما قال (١٤٦): «في هذا الكتاب البدع المستجدَّة مما شاهدناه»، وقال (٧٩٠): «أردتُ أن يكون هذا الكتاب جميعه في ذكر من خرج عن الشرع وابتدع، فجعل الله سبحانه بعضه في ذكر من اتَّبع لنبيِّه وحبيبه، وذلَّ وخضع»، ويبثُّ مرَّ الشكوى من: «كثرة البدع وغربة الإسلام» (١٣٨)، ومن: «شيوع البدع وقلَّة إنكارها» (١٧٠)، ويبيِّن أن قلَّة إنكارها هي السبب في انتشارها (١٣٤)، لهذا يحثُّ ولاة الأمر على القيام بواجبهم في إزالة البدع وزجر أهلها ومنعهم (٢٣٩، ٥٤٦، ٥٥٣)، كما يحثُّ قراء كتابه على إزالة البدع إن قدروا على ذلك (١٣٩)، ويهدم أهم أسس التصوف فيؤكِّد على أنَّه: «لا ينبغي للمسلم أن يطيع شيخه ويعصي ربَّه ونبيَّه» (٤٩٣).

أما عقيدة ابن بَيْدَكِينَ في أسماء الله تعالى وصفاته وغيرها؛ فهي عقيدة سلفية في الجملة، على طريقة أهل السنة والجماعة في إثبات أخبار الكتاب


(١) يُراجع: «مجموع الفتاوى» ٤/ ٤٩١ - ٤٩٣، و ١٨/ ٣٥٥ - ٣٧١، و «منهاج السنة» ٥/ ٢٨ - ٣٨.
(٢) «مجموع الفتاوى» ١١/ ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>