للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الضحاك: الغناء مفسدة للقلب، مسخطة للرب (١).

وقال عمر بن عبد العزيز: الغناء ينبت النفاق في القلب (٢).

ومرَّ ابن عمر برجل يغني فقال: لا سمع الله لكم (٣).

فإن قالوا: إن الغناء مطية الفساد في العوام، لغلبة الشهوات عليهم. ومِن عدم مجاهداتهم لأنفسهم. ولذلك فرَّق بعض المشايخ المحققين بين أحوال السامعين فقال: السماع حرام على العوام لعدم المجاهدة، وعلى المريدين مكروه لبقاء نفوسهم. ومباح للعارفين لصفاء قلوبهم.

جوابه: إن هذا التفريق ليس وراءه ذرة من التحقيق؛ لأنه يضاهي قول القائل: الخمر حلال في حق من شرب ولم يسكر، والخلوة جائزة بالأجنبية لمن لا أرب له في النساء، وهذا قول باطل. وسببه أن النفوس لا تؤمن غلبتها وتسويلها.

ثم اعلم بأن تعاطي السماع فيه تشبه بأهل الفسوق والمجان، والتشبه بهم حرام، وإن نوى به الخير في الباطن؛ لكن ظاهره هو غناء مطرب، ولهو، ورقص وطبل وزمر. وفى الخبر الصحيح: أنَّ من تشبه بقوم فهو منهم (٤).


(١) ذكره ابن القيم في «إغاثة اللهفان» ١/ ٢٥٠.
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (٤٩).
(٣) أخرجه ابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (٤٩)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ٥/ ٦٨.
(٤) أَخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٣٣٦٨٧)، وأحمد في «مسنده» ٢/ ٥٠ (٥١١٤)، وعبد بن حميد في «مسنده» (٨٤٨)، وأبو داود في «سننه» (٤٠٣١) من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله : «بعثت بالسيف حتى يعبد الله لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم».
وصححه العراقي في «المغني عن حمل الأسفار» (٨٥١)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (٢٨٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>