للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المسلمين. وشاقت سبيل المؤمنين، وخالفت الفقهاء والعلماء أئمة الدين. قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥].

وهذه الأشياء لا تليق بالمؤمنين العقلاء، فكيف تليق بالمتديِّنين الأتقياء الذين اختصهم الله سبحانه لمعرفته، ونوَّر قلوبهم بمشاهدته، وحمى ظواهرهم عن مخالفته، وبواطنهم عن الركون لغير ألوهيته، عن التوسع في مباحاته، فهمُّهم التقرب إليه، وسلوك السبيل الذي دلَّهم عليه. فهم بهداه يهتدون. وبسنته يقتدون. وقد كشف لهم على القطع والثبات، أن ما سوى سبيله أباطيل وترَّهات. ولم يُنقل ذلك عن نبي من الأنبياء، ولا عن ولي من الأولياء، ولا عن أحد من العلماء إباحة الرقص على المزامير والأوتار؛ لتحريم سماعه، ولأنه من شعار أهل الفسق والخمور، ومما لا يرضاه (١) الرب الغفور، وفيه تهييج الشهوات.

ومن أباحه من المتأخرين لا يعتمد على قوله؛ لأنه خرج عن طريق المرسلين، واتبع غير سبيل المؤمنين. فأبدى نظرًا سقيمًا اقتحم فيه أمرًا عظيمًا وصار به للخائنين خصيمًا.

ثم اعلم بأن الشِّعر حسنه حسن، وقبيحه قبيح. فشِعرٌ فيه حكمة، أو ما يذكر بالآخرة أو شيئًا من العلوم فهو حسن، ويقرب عامله للحي القيوم، وأما شعر يحرك دواعي الصبا، ويذكر بما مضى من شهوات الإنسان وانقضى، فيلزم (٢) أن يكون حرامًا؛ لأنه يسخط رب العباد؛ وهو مطية الفساد.

قال الفضيل رحمة الله عليه: الغناء رقية الزنا (٣).


(١) في (خ): يرضي.
(٢) في (خ): فلزم.
(٣) أخرجه ابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (٥٥)، وعزاه السيوطي في «الدر المنثور» ٦/ ٥٠٦ لابن أبي الدنيا والبيهقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>