فإن قيل لبعض المفتونين: إن هذا في الشرع حلال، وهذا حرام. فيقول: أنتم تقولون من القال، ونحن نقول من الحال، أنتم تقولون من الشريعة، ونحن نقول من الحقيقة.
جوابه: اعلم أيها المبتدع المنكوب في الأقوال والأحوال، أن كل حال لا يوافق القال، فهو زُورٌ وَمُحالٌ، وصاحبه بطَّال. فلا تفعله، وخف من شديد المحال.
ونعوذ بالله من أُخوَّة النسوان، ومن صحبة المردان، ومن قول أحدهم: ومن لا شيخ له فشيخه الشيطان! وأَنَّ السماعَ بالكفِّ أو الدف مع الغناء، والهُنُوك، والألحان؛ حقٌّ، ويقرب إلى الرحمن! كل ذلك زور وبهتان، وما أنزل الله به من سلطان.
وكذلك المخبر إذا صحا من وَجده: قيل لي! ومنهم من يشير إلى قوله: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: ١]؛ أي أُسري بروحه. وقول أحدهم: شربت. وقول الآخر: اسقني. وقول أحدهم:
أنت لي وحدي حلال … وعلى غيري حرام
أنت إن واصلت غيري … فعلى الدنيا السلام
ومنهم من يقول غير هذا؛ ويكثر الهذيان، والجميع من البدع، ولا يرضي الواحد الدَّيَّان.
فمن ادعى أنه صاحب حال، مع مباشرة هذه الأحوال، فإنه في ضلال؛ لأنها أفعال مليمة، واجتماعات ذميمة، وأحوال صادرة عن اعتقادات سقيمة. فما هي إلا أهواء صحيحة، وعقول مريضة.
والدليل على ذلك أن النبي ﷺ لم يفعل شيئًا من ذلك ولا الصحابة ولا التابعون. ولا نطقوا بتلك العبارات. ولا أشاروا بتلك الإشارات. ولا اجتمعوا كذلك، ولا حوَّموا على شيء من هنالك. وهم قدوة العارفين. وخِيرة الله من العالمين. الفاهمون عن الله تعالى. الآخذون عن رسول الله ﷺ.