للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختارهم لحمل أمانته، وبيان شريعته. فلو كان الأمر على ما اخترعه أصحاب التواجد لسارع السلف الصالح إليه، ولتراموا عليه، ولشاع في السابقين المتشرعين، كما شاع في المتأخرين المبتدعين. وكلما هبت رياح الباطل، سكَّنتها زعازع الدلائل.

قال الله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ [البقرة: ٢٥٦].

وقال : «ما تركت شيئًا يقربكم إلى الجنة إلا وأمرتكم به» (١).

وقال خير البرية: «تركتها بيضاء نقية» (٢).

وقد أجمع العلماء أن هذا السماع الذي يرقص فيه على الدف أو الكف محدث في دين الإسلام بعد القرون الثلاثة الذين أثنى عليهم بقوله: «خير القرون الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» (٣).

والحديث الذي ترويه هذه الطائفة أن النبي تواجد هو وأصحابه، واهتز حتى سقط الرداء عن منكبيه، فأخذوه وجعلوه أربع مئة قطعة، فأخذ كل واحد قطعة. الحديث بطوله باطل غير صحيح عند أهل الحديث (٤).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٣٥٤٧٣)، والبغوي في «شرح السنة» (٤١١١) من حديث ابن مسعود .
وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٢٨٦٦).
(٢) أخرجه أحمد ٤/ ١٢٦ (١٧١٤٢) من حديث العرباض بن سارية قال: «وعظنا رسول الله موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب. قلنا: يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال: «قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بما عرفتم من سنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعليكم بالطاعة، وإن عبدًا حبشيًّا، عضوا عليها بالنواجذ، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما انقيد انقاد». وقد تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه بلفظ «خير الناس قرني».
(٤) لم أقف عليه مسندًا، وقال ابن تيمية في «الفرقان» (ص ١٠٣): هذا كذب باتفاق أهل العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>