للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه، فقيل له: نفسك ما تشتهى الخبزَ؟ فقال: إنَّ بين مضغ الخبز وشرب الفتيت قراءة خمسين آية (١).

وصحَّ عن بعض الأئمة، وعن بعض مشايخ «الرِّسالة»، أنهم صلَّوا بوضوء العشاء الصبحَ أربعين سنة (٢)


(١) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٥٦٩٤)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» ٨/ ٣٥٣. وفي هذا تكلُّف ظاهر، وقد كان رسول الله يأكل الخبزَ، وكذلك الصحابة الكرام . (ت).
(٢) كتاب «الرسالة» لأبي نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري (ت: ٥١٤ هـ)، ولم أجد فيه هذا، إلا قوله (ص: ١٣١): سمعت محمد بن أحمد الصوفي ، يقول: سمعت علي بن عبد الله التميمي يقول: حكي عن محمد بن إسماعيل الفرغاني أنه قال: كنا نسافر مقدار عشرين سنة، أنا وأبو بكر الزقاق، والكتاني، لا نختلط بأحد، ولا نعاشر أحدًا، فإذا قدمنا بلدًا؛ فإن كان فيه شيخ سلمنا عليه، وجالسناه إلى الليل، ثم نرجع إلى مسجد، فيصلي الكتاني من أول الليل إلى آخره ويختم القرآن، ويجلس الزقاق مستقبل القبلة، وكنت أستلقي متفكرًا، ثم نصبح ونصلي صلاة الفجر على وضوء العتمة، فإذا وقع معنا إنسان ينام كنَّا نراه أفضلنا.
وما ذكره المؤلف من صلاتهم الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة؛ ذكره أبو طالب المكي في «قوت القلوب» ١/ ٧٣، فقال: ذكر من روي عنه أنه أحيى الليل كله، ومن اشتهر بإحياء الليل كله، وصلّى الغداة بوضوء العشاء الآخرة أربعين سنة، أو ثلاثين سنة، حتى نقل عنه ذلك؛ أربعون من التابعين، منهم: سعيد بن المسيب، وصفوان بن سليم المدنيان، وفضيل بن عياض، ووهيب بن الورد المكيان، وطاووس، ووهب بن منبه اليمانيان، والربيع بن خيثم، والحكم بن عيينة الكوفيان، وأبو سليمان الداراني، وعلي بن بكار الشاميان، وأبو عبد الله الخواص، وأبو عاصم العباديان، وحبيب أبو محمد، وأبو جابر السلماني الفارسيان، ومالك بن دينار، وسليمان التيمي، ويزيد الرقاشي، وحبيب بن أبي ثابت، ويحيى البكاء البصريون، وكهمس بن المنهال، وكان يختم في الشهر تسعين ختمة، وما لم يفهم رجع فقرأه مرة أخرى، وأيضًا: من أهل المدينة أبو حازم، ومحمد بن المنكدر، في جماعةٍ يكثر عددهم، هؤلاء المشهورون منهم.
قلتُ: لا يسلِّم بهذا النقل حتى يتثبَّت فيه عن كلِّ واحد منهم، ويعرف صحة إسناده، وقد يتصوَّر وقوع هذا من بعض الزهاد بعد عصر الصحابة وأئمة التابعين، أما سعيد بن المسيِّب وأمثاله من الأئمة فلا يسلَّم بوقوع هذا منهم، فإن فيه نقصًا وعيبًا، وتضييعًا للحقوق، ومخالفة لطبيعة الإنسان، فإنه يمرض وتعرض عليه آفات. (ت).

<<  <  ج: ص:  >  >>