للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقال له: شبكةٌ مخرَّقةٌ يخرج منها الصيد، وهي رَديَّة، عليك أيها المؤمن بالشبكة الصحيحة المحمدية، الموصلة إلى خير الدنيا والآخرة، وإلى الحضرة الصمدية. فمن ترك هذه الشبكة المباركة، ثم دخل في شبكة الطائفة الهالكة، فقد خرج عن السنة وعصى مالكه، وقد نصحتك يا أخي! والدين هو النصيحة، فاترك هذه البدع والفضيحة، واسمع ما أقول لكي لا تندم يوم القيامة ندمًا لا آخر بعده، وتقول: ﴿يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ﴾ [الأحزاب: ٦٦]. فالخير كله في السنة، وهو مفتاح الجنة.

والأولياء ما جعلوا حركاتهم إلا في شيء يثابون عليه، مثل أداء الفرائض، والتقرب إلى الله تعالى بالنوافل، قال تعالى: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [الذاريات: ١٧ - ١٩] ﴿ … يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ [الفرقان: ٦٤] ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: ٧٢]، ﴿ … يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ [الإسراء: ١٠٩]، ﴿ … تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا﴾ [الفتح: ٢٩]، ﴿ … يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الأنعام: ٥٢]، ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [الحشر: ٩]. وفي القرآن مثل هذا كثير، وفي هذا كفاية للمؤمن المتبع البصير.

كان داود الطائي (١) وهو تلميذ أبي حنيفة كان من التابعين، أي من التابعين للحق وما أمر به الرسول وأصحابه أجمعين، ولم يكن من التابعين الذين رأوا الصحابة، ورووا عنهم الحديث على اصطلاح المحدثين من التابعين ومن المُتَّبَعِين، وكان من كثرة اجتهاده لا يأكل خبزًا، بل يسكب على فتيت ماء ويشربه إذا احتاج


(١) أبو سليمان داود بن نصير الطائي (ت: ١٦٥ هـ)، كان في أيام المهدي العباسي، أصله من خراسان، ومولده بالكوفة، رحل إلى بغداد، فأخذ عن أبي حنيفة وغيره، وعاد إلى الكوفة، فاعتزل الناس، ولزم العبادة إلى أن مات فيها. قال أحد معاصريه: لو كان داود في الأمم الماضية لقص الله تعالى شيئًا من خبره. وله أخبار مع أمراء عصره وعلمائه. مترجم: في «تاريخ بغداد» ٨/ ٣٤٧، و «حلية الأولياء» ٧/ ٣٣٥. (ت)

<<  <  ج: ص:  >  >>