للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون﴾ [السجدة: ٢٢].

أفٍّ لقوم يعرضون عن كلام الرحمن، ويقبلون ويطربون على مزامير الشيطان، وهذا دليل على الطرد والحرمان، وهذه الأشياء تأتي من حظوظ النفس وتسويل الشيطان؛ لأنه أول من ناح، وأول من غنى. لو اتبع السنة المريد، لانتفع وحصل له ما يريد. وما فاته الوصول، إلا لتضييعه الأصول، وهو طريق الرسول.

فإنْ قال أحدهم: إن هذا السماع جعلناه شبكة نصطاد به قلوب الغافلين! (١)

صدق الشيخ في قوله؛ لأن جماعة منهم جعلوه شبكة لأجل أكل التراث وجمع الحطام؛ موافقة لليهود عليهم اللعنة من الملك العلام قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ﴾ [التوبة: ٣٤].

وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رحمة الله عليه في قوله تعالى: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ [المائدة: ٤٢]: نزلت في اليهود ومَن كان من فقراء هذا الزمان مُؤْثرًا للسماع بهواه، آكلًا مما حرَّمه مولاه، فهي نزعة يهوديةٌ؛ لأنَّ القوَّالَ يذكُر العشقَ وما هو بعاشق، ويذكر المحبةَ وما هو بمُحبٍّ، والوَجدَ وما هو بمتواجد. فالقوَّال يقول الكذبَ، والمستمعُ سمَّاعٌ له. ومن أكل من الفقراء طعامَ الظَّلَمة حين يُدعَى إلى السَّماع؛ فهو ممن يَصْدُق عليه قوله تعالى: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ [المائدة: ٤٢] (٢).

فمن قال: إنا جعلنا السَّماع شبكةً!


(١) وهذا ما يقوله اليوم المنشدون الإسلاميون! وانظر كيف ينطبق عليهم جواب المؤلف!
(٢) هذا النص بطوله وحروفه في «لطائف المنن» لابن عطاء الله الإسكندري: ١٨٢، نقلًا عن شيخه: أبي العباس المرسي. وقد وهم المؤلف فنسبه إلى أبي الحسن الشاذلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>