للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن دنوت قرَّبني … أو بعدت عنه دنا

قال بعض الصالحين: البيت إذا خلا من الساكن خربَ، والقلب إذا خلا من خوف الله خرب.

وقد أجمع العلماء والإجماع من أقوى الحجج؛ لقول المبعوث بالرسالة: «لا تجتمع أمَّتى على ضلالة» (١) أجمعوا على مدح من يقبل على سماع كتاب الله تعالى وعلى ذم من أعرض عنه، كما يفعله بعض المفتونين وقت اجتماعهم لسماعهم ورقصهم، فيقرأ القارئ العشر فإنْ طوَّله، لوَّحوا له أنْ قَصِّر (٢). وبعضهم يصرخ ويقول: طوَّلت علينا. ويقول بعض المخذولين: اقرأ عُشر المسافرين، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

فيا خيبة قوم يستثقلون القرآن، ويستريحون بالرقص والغناء والألحان. هؤلاء والله من حزب الشيطان، ومن أعداء الرحمن؛ قال الله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ» [الزمر: ٢٢]. وقال : «من لم يشفه القرآن لا شفاه الله» (٣).

فهذه قلوب كادها باريها، وهي غافلة غير حاضرة. والويل لمن يجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة، قال الله سبحانه: ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ﴾ [المدثر: ٤٩ - ٥٠]. وقال المولى: ﴿ومن أظلم


(١) أخرجه عبد بن حميد في «مسنده» (١٢٢٠)، وابن ماجه في «سننه» (٣٩٥٠) من حديث أنس قال: سمعت رسول الله يقول: «إن أمتي لا تجتمع على ضلالة؛ فإذا رأيتم اختلافًا فعليكم بالسواد الأعظم».
وصححه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (٣٩٥٠) دون الشطر الثاني منه.
(٢) زاد في (ط): عشر.
(٣) جزء من حديث أخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة» ١/ ٢١٥، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» ٢/ ١١٢٧ (٢٨٣١) من حديث رجاء الغنوي.
قال المناوي في «فيض القدير» ١/ ٦٢٧: وقد أشار الذهبي في «تاريخ الصحابة» إلى عدم صحة هذا الخبر، فقال في ترجمة (رجاء) هذا: له صحبة نزل البصرة، وله حديث لا يصح في فضل القرآن.
وضعفه الألباني في «ضعيف الجامع» (٨١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>