للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويخاف على من خرج عن طريق النبي المختار، والصحابة الأخيار، وتشبه بالكفار أن يلقى معهم في النار.

ومثل أحدهم كالكوز الفارغ الذي يتدحرج يمينًا وشمالًا فارغًا من التقوى والورع والإخلاص.

ولو كان هذا ملآن لكان ثابت الأركان، فقد تبين أن هذه الأشياء ما هي من صفات الخائفين، ولا طريق عباد الله الصالحين. قال بهز بن حكيم: صليت خلف زرارة بن أوفى فقرأ: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ [المدثر: ٨] فخر ميتًا، فكنت ممن حمله إلى منزله (١).

وسمع عمر بن الخطاب آيةً من رجل يقرؤها، فخر مغشيًّا عليه، ومرض شهرًا (٢).

فهذه صفة الأولياء لما كانت القلوب واعيةً أثَّر فيها القرآن. قال الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ [ق: ٣٧]. أي قلب واعٍ (٣)، فاسلك مسالكهم، وانهج مناهجهم، والق عصاك فهذا جانب الوادي.

فإن قال قائل: من أين لي اللحوق بهؤلاء الأقوياء وأنا ضعيف، يقال له: فلا تخرج عن طريقهم تقع وتقوم وأنت تقفو الأثر. فتلحق بهم كما جاء في الخبر؛ وهو قول بعض الصحابة: يا رسول الله إنا نحب القومَ ولمَّا


(١) أخرجه الترمذي في «جامعه» (٤٤٥)، والحاكم في «مستدركه» ٢/ ٥٠٦، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٩٣٩)؛ من حديث بهز بن حكيم بلفظ: أمَّنا زرارة بن أوفَى
في مسجد بني قشير، فقرأ المدثر فلما انتهى إلى هذه الآية: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ [المدثر: ٨] خرَّ ميتًا. قال بهزٌ: فكنتُ فيمن حمله.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقال الألباني في «صحيح الترمذي» (٤٤٥): صحيح.
وللعلامة أبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري رسالة: «خشوع الصحابة وأحوال مبتدعة»، مفيدة في بابها.
(٢) ذكره الغزالي في «الإحياء» ٢/ ٢٩٧، وابن كثير في «تفسيره» ٧/ ٤٣٠.
(٣) في (ط): داعٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>