للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب» (١).

فإن قالوا: حال يعترينا. يقال لهم: الحال ينقسم إلى قسمين: حال رباني وحال شيطاني، ولكل منهما قرينة.

فأما الحال الرباني فاستغراق الشخص الإنساني، وغيابه في شهود المعاني، بحيث لا يعرف القاصي من الداني، ولا يظهر منه ما يخالف الشرع، وقواعد المباني (٢).

وأما الحال الشيطاني فإنه يظهر التخبط والرقص، وما تقدم ذكره من الهذيان والدعاوي وهو واعي.

وكذلك التواجد على النغمات والألحان، هو استماع معلول؛ لأنه استمع على الصوت المطرب، لا على حقيقة القول، وهذا يدل على فراغ القلب من خوف الله تعالى، وفيه أيضًا تشبه بالكفرة، ولم ينقل مثل هذا عن السادة البررة. قال الله تعالى في صفة أعدائه: ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً﴾ [الأنفال: ٣٥].

قال علماء التفسير: كانوا يطوفون بالكعبة ويصفقون ويرقصون (٣).


(١) أخرجه أحمد في «مسنده» ٤/ ٤٢٦ (١٩٨١٩)، والبخاري في «صحيحه» (١١١٧)، وأبو داود في «سننه» (٩٥٢)، وابن ماجه في «سننه» (١٢٢٣)، والترمذي في «جامعه» (٣٧٢)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٩٧٩، ١٢٥٠)؛ من حديث عمران بن حصين .
(٢) الحال من اصطلاحات الصوفية أيضًا، ويقصدون به أن ينبعث من باطن العبد داعية للمراقبة أو المحاسبة أو الإنابة أو غير ذلك، ثم تزول تلك الداعية لغلبة صفات النفس ثم تعود بعد زوالها، ثم تعود بعد عودها. والسلف الصالح لم يعرفوا هذا المصطلح، وإنما عرفوا ما جاءت في نصوص الكتاب والسنة من الخشوع والخشية والخوف والحب والرجاء والإنابة وغيرها من أعمال القلوب، التي تزيد النفوس صفاء، والعقول صحة، وليس أن يجعل العبد في غيبوبة لا يعرف القاصي من الداني! (ت)
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» ١٣/ ٥٢٤، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (٨٣٩١)، والطبراني في «الكبير» ١٢/ ١٣ (١٢٣٢٤) من حديث ابن عباس بلفظ: كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة يصفِّرون ويصفِّقون، فأنزل الله: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>