للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصح في الحديث أن للموسوسين شيطانًا يضحك بهم، يقال له الولهان (١).

روي أن ابن عمر مر برجل من أهل العراق وهو ساقط. فقال: ما بال هذا؟ فقالوا: إنه إذا سمع القرآن وذكر الله سقط. فقال ابن عمر: إنا لنخشى الله ولا نسقط. ثم قال: إن الشيطان يدخل في جوف أحدهم، ما كان هذا صُنع (٢) أصحاب رسول الله (٣).

فلو كان هذا حقًّا أو يثاب فاعله، لشاع في السابقين المتشرعين؛ كما فشا في المتأخرين المبتدعين: فقد علمت أن قراءة القرآن بالتدبر والتفكر والخشوع، مع سكون الجوارح والأركان، يورث القارئ رضى الرحمن، والفوز بالجنان.

ولا تكن من الخارجين فتسقط من عين رب العالمين. وانظر ماذا مَنَّ الله عليك به بقدرته القاهرة بأن ورثك كنزًا من كنوز الآخرة. قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾ [فاطر: ٣٢].

فإذا فرح المغرور بما ورث من درهم ودينار، افرح أنت بما ورثك الله


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٥/ ١٣٦ (٢١٢٣٨)، وابن ماجه في سننه (٤٢١)، والترمذي في جامعه (٥٧)، وابن خزيمة في صحيحه (١٢٢). من حديث أبي بن كعب بلفظ إن للوضوء شيطانًا يقال له: الولهان.
قال أبو عيسى: حديث أبي بن كعب حديث غريب، وليس إسناده بالقوى. وقال الألباني في ضعيف الجامع (١٩٧٠): ضعيف جدًّا.
(٢) في (ط): فعل.
(٣) أخرجه أحمد في «الزهد» ٢٤٢، وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (٣٠٧)، وأبو نُعيم في «حلية الأولياء» ١/ ٣١٢، والثعلبي في «الكشف والبيان» [الزمر: ٢٣].
وأخرج البغوي في تفسيره [الزمر: ٢٣] عن عبد الله بن عروة بن الزبير قال: قلت لجدتي أسماء بنت أبي بكر: كيف كان أصحاب رسول الله يفعلون إذا قرئ عليهم القرآن؟ قالت: كانوا كما نعتهم الله ﷿: تدمع عيونهم، وتشقعر جلودهم. قال: فقلت لها: إن ناسًا اليوم إذا قرئ عليهم القرآن خرَّ أحدهم مغشيًا عليه. فقالت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>