للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث آخر: «من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله تعالى يوم القيامة أجذم» (١).

واسمع قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾ [طه: ١٢٥ - ١٢٦] (٢).

ومن البدعة ما يعمل عند القرآن من الحركة والتخبط والاضطراب وضرب الصدر، وجر اللحية، وتخريق الثياب. لا يفعله العقلاء ولا أولوا الألباب لمخالفة السنة والكتاب. قال الله تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ الله﴾ [الحشر: ٢١]. أي: ذليلًا خاضعًا متضرعًا (٣)، أي: خائفًا.

وقال المولى: ﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ﴾ [الزمر: ٢٣]. فلين القلب بالمحبة والأشواق. ولين الجسد بالطاعة والإنفاق (٤).

والاقشعرار (٥) هو شيء يحرك القلب فيصل تأثيره إلى الجلود، وهو


(١) أخرجه أحمد في «مسنده» ٥/ ٢٨٤، ٢٨٥ (٢٢٤٥٦، ٢٢٤٦٣)، والدارِمِي في «سننه» (٣٣٤٠)، وعبد بن حميد في «مسنده» (٣٠٦)، وأبو داود في «سننه» (١٤٧٤) من حديث سعد بن عبادة.
قال الألباني في «ضعيف أبي داود» (٢٦١)، و «المشكاة» (٢٢٠٠): إسناده ضعيف.
(٢) هذا الاستشهاد بالآية ليس في موضعه، فالمراد بالنسيان فيها: الإعراض وترك الإيمان وعدم العمل، فلا يقع هذا الوعيد على من نُسِّي ما حفظه من القرآن مع بقاء إيمانه الصحيح وعمله الصالح. وأحاديث الوعيد في نسيان القرآن ضعيفة كما تبيَّن من التخريج، فلا يصحُّ عدُّه في كبائر الذنوب كما فعل بعض العلماء، نعم؛ إن كان عن إهمال وتقصير فهو عيبٌ ونقصٌ، وفيه كراهة شديدة، وقد قال الإمام ابن المنادَى في «متشابه القرآن» ٥٢: ما زال السلفُ يرهبون نسيان القرآن بعد الحفظ لما في ذلك من النقص. والله تعالى أعلم. (ت)
(٣) في (خ): متصدعًا.
(٤) في (ط): الاتفاق.
(٥) في (خ): الإقشعار.

<<  <  ج: ص:  >  >>