للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تقدَّم أن من قتل نفسه بسيف المجاهدة أحيى الله تعالى قلبه بالمشاهدة، فينجو من شرها وكيدها وخداعها. قال الله تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ [فاطر: ٣٢]، والظلم عليها منعها من الشهوات الفاسدة، واللذات الفانية، والأماني الباطلة، والآمال الكاذبة، وحب العلو والشرف والمال، ويكرهها على اتباع الكتاب والسنة، ويحرضها على ذكر الموت وحب الآخرة، ويخاف من مكرها في الزهد والعبادة. فإن خداعها في الطاعة أكثر من المعصية. وإن لها في الطاعات لشربًا وعيشًا طيبًا، أحب إليها من ركوب المعاصي؛ مثل تزيين الطاعة، ورؤية العبادة، وقيمة العمل، والرياء والنفاق، وحب إقبال الخلق والزيارة (١)، وتقبيل اليد والتبرك، وحسن الصيت، وثناء الخلق، ورغبة الملوك، وتردد أبناء الدنيا، وحضور السماع، وتخريق الخرق والتصنع، وإظهار الصوم والصلاة، وقلة الأكل لرؤية الناس، والبكاء الكاذب، وتحريك الشفة، والإشارة بالعين، والتخشع بلا خشوع القلب، ورؤيا المنامات، ولبس المرقعات، والمؤاخاة (٢)، والحكم على الماضي والمستقبل، والمبالغة في الطاعات عند رؤية العاجزين؛ وإذا خلا توانى في خدمة رب العالمين، والترفع والتصدر في المجالس، وأن يقام بين يديه وهو جالس وكثرة أصحاب الإرادة، وأكل الأطعمة اللذيذة. ويرضى في حالِهِ بنطِّه (٣) في السَّماع؛ بحضور المردان، ونظارة النسوان. ونعوذ بالله من شر النفس والشيطان؛ لأن هذه الأشياء في الحقيقة أشر من شرب الخمر.


(١) يعني: أن ينال اهتمام الناس وتعظيمهم له بزيارته والإقبال عليه، وفي (ق): (إقبال الحلق والزنَّارة). وعلَّق صبحي لبيب هنا بقوله: والمقصود حلقات الدراويش والصوفية التي انتقدها التركماني نقدًا مرًّا لاذعًا، أما بالنسبة للزنارة واستخدام هذا المصطلح للشدِّ شدِّ الإخوان والفتيان فواضح أن المؤلف قصد الانتقاص منهم.
(٢) في (ق) وتبعه (ط): المواخات. وهو خطأ في الإملاء. والمؤاخاة من بدع الصوفية، وهي غير الأخوة الإيمانية العامة.
(٣) في (ط): (حالة نطِّه). والصواب ما أثبته، فالمقصود أنه يرضى بالنط والرقص لوقوع ذلك أثناء ورود (الحال) عليه أثناء السماع، وهي (حال) صوفية شيطانية بدعية. (ت)

<<  <  ج: ص:  >  >>