للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للشيطان (١)، ولها أعوانٌ وأنصار؛ مثل الدنيا وزهرتها والهوى والشيطان. ولكل واحد من أعوانها جنود ووفود، وخيل وحشم من زينة الحياة الدنيا؛ مثل كثرة النوم والأكل والضحك وحكايات أبناء الدنيا وسلاطينها، وأفعال عشاقها وشياطينها، وحب الغنى والدنيا والكبر، والحسد والغيبة والنميمة، والعداوة والمدح لهذه النفس اللئيمة (٢)، وارتكاب المعاصي والملاهي، والاشتغال بكل ما لا يعنيها، وبجمع المال، وطول الأمل، والتهاون في صالح العمل، والأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف، وقلة الحياء من المولى الرؤوف، والتمنِّي والغرور، واللهو والسرور، وشهادة الزور، ونسيان الموت والقيامة والنشور، والعادات (٣) والتجارات، وتحسين القبيح، وهتك الستر، ومجاوزة الحدِّ، وإنكار الحق، وتعظيم أبناء الدنيا، وتحقير أبناء الآخرة.

هذه الأشياء من بعض صفات النفس الأمارة بالسوء. فمن أراد الله تعالى له بخير بصره بعيوبها، وأعانه على تسخيرها، ومعرفة مكايدها، فيلجمها بلجام الورع والتقوى، ويقيدها بسلاسل الذل والانكسار، وتكليفات الشرع، واتباع النبي المختار آناء الليل وأطراف النهار، ويسلط عليها الجوع والعطش والسهر، ويخالفها في كل شيء إلا في الطاعة. ويقتلها بسيف المجاهدة لكي يحيي الله تعالى قلبه بالمشاهدة، ويذمها في جميع أحوالها، ولا يغفل أبدًا عن تأديبها ورياضتها إلى الموت؛ فإنها مشومة إذا أقبلت، فكيف إذا أدبرت؟

ويجعل العقل عقالها والشرع سجنها، والعبادة سجانها، وذكر الموت طعامها وشرابها، وبعد هذا الاحتياط يتضرع العبد المسكين إلى خالقها وموجدها أن يعيذه من كيدها وسوء عاداتها، وغلبتها على عقله.

ومثل العقل والنفس كمثل عدوين، وبيد كل واحد منهما سيف مجرد ينتظر غفلة صاحبه ليقتله، ومَن غُلب سُلب.


(١) في (خ): الشيطان.
(٢) في (ط): الذميمة.
(٣) كذا تقرأ في النسخ، وقد تقرأ فيها: (العارات) بالراء، وفي (ط): العاريات.

<<  <  ج: ص:  >  >>