للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكان يكون بينهم ذليلًا حقيرًا خائفًا يتجرَّع (١) جرع الأذى والجفاء محبة في دين النبي المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أهل الخير والجود والوفا، فيعود غريبًا لكثرة الأهواء المضلة، والمذاهب المختلفة حتى يبقى أهل الحق غرباء في الناس لقلتهم وخوفهم على أنفسهم من قلة الأنصار وكثرة الفجار.

وقد تقدم في حديث العرباض قوله : «من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا (٢)، فعليكم بسنتي» (٣) الحديث، رواه البخاري في «صحيحه» (٤) عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع النبي قِبَل خيبر ونحن حديثو عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون حولها ينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال لهم رسول الله : «الله أكبر. هذا كما قالت بنو إسرائيل: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ [الأعراف: ١٣٨]؛ لتركبن سنن من كان قبلكم» (٥).

فانظر رحمك الله أي مكان وجدت سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمون أمرها، ويرون البرء والشفاء من قبلها، وينوطون بها المسامير والخرق فهي ذات أنواط، فإن قدرت فاقطعها يصلك الله تعالى به، فجميع العبادات القولية والفعلية لا يثاب العبد عليها إلا إذا كانت موافقة للسنة والكتاب؛ فاعتبروا يا أولي الألباب.


(١) في (خ): يتغصص.
(٢) في (ط): كبيرًا.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) كذا في النسخ، وفي السياق خلل ظاهر، فلم يرو البخاريُّ في «صحيحه» الحديثين، ولا أحدهما.
(٥) أخرجه أحمد في «مسنده» ٥/ ٢١٨ (٢١٨٩٧)، والترمذي في «الجامع» (٢١٨٠)، والنسائي في «السنن الكبرى» (١١١٨٥)، وابن حبان في «صحيحه» (٢٧٠٢)، من حديث أبي واقد الليثي . وصححه الألباني في «ظلال الجنة» (٧٦).
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في «صحيح الترمذي».

<<  <  ج: ص:  >  >>