للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨]؛ فمعناه: أي حط عنا خطايانا، فقالوا: حنطة، فأرسل الله عليهم رجزًا من السماء وظلمةً وطاعونًا فهلك منهم في ساعة واحدة سبعون ألفًا، وذلك لقلة أدبهم واستخفافهم بأمر الله تعالى. وابتدعوا بزيادتهم حرفًا في الكلمة فعرفهم أن الزيادة في الدين والابتداع في الشرع خطر عظيم، وهذه البدعة هي في القول، وتارةً تكون البدعة في الفعل، وكلا الطرفين ذميم.

وقد كثر في زماننا هذا البدع في الأفعال والأقوال. ونسأل الله الإقالة، وهو القدير المتعال. فصار السنيُّ بين الناس كالغريب، ولا عليه بعدما صار معروفًا عند الحبيب، كما قال بعضهم:

إذا رضيتْ عنِّي كرام عشيرتي … فلا برحت غضبَى عليَّ لئامها

عن عبد الرحمن بن عوف، أن رسول الله قال: «إن الدين بدأ غريبًا، ويرجع غريبًا فطوبى للغرباء، الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي» (١).

ولمسلم: «بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء».

معنى الحديث: أنه لما جاء الله تعالى بالإسلام فكان الرجل إذا أسلم في حيه وقبيلته فهو غريب بينهم مستخفٍ بإسلامه، قد جفاه الأهل والأصحاب، واتصل لرب الأرباب كما قال بعضهم:

إذا كنتَ لي … ما ضرَّني من عدمته


(١) لم أقف عليه من رواية عبد الرحمن بن عوف، والحديث أخرجه أحمد في «مسنده» ٢/ ٣٨٩ (٩٠٥٤)، ومسلم في «صحيحه» (١٤٥)، وابن ماجه في «سننه» (٣٩٨٦)، من حديث أبي هريرة .
وأخرجه الدارمي في «سننه» (٢٧٥٥)، وابن ماجه في «سننه» (٣٩٨٨)، والترمذي في الجامع (٢٦٢٩)، من حديث ابن مسعود .
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن مسعود. وفي الباب عن ابن عمرو، وابن عمر، وأنس بن مالك، وعمرو بن عوف، وعبد الرحمن بن سَنَّةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>