وإذا أراد الله أن يخرج عبده من الضلالة عرَّفه كيف يخرج. فإن قيل لأحدهم من جهة التذكرة والنصح والأمر بالمعروف: إن هذه الطريقة التي أنت سالكها ما هي طريق نبيك، ولا طريق أصحابه، ولا طريق التابعين؛ فإن خرج عنها فهو صديق، وإن لم يخرج عنها فهو قليل التوفيق. وإن جحد السنة فهو زنديق؛ وقد تشبه بالكفار. ومن تشبه بهم في الدنيا، حُشر معهم يوم القيامة في النار؛ ولأجل ذلك تبرأ منه النبي المختار صلى الله عليه صلاةً دائمة إلى يوم القرار بقوله:«من تشبَّه بغيرنا فليس منَّا»(١) فاعتبروا يا أولي الأبصار.
فلما عرَّفهم الأنبياء ﵈ الطرق التي توصلهم إلى الله ﷾، وكان عليها المؤمنون وقالوا: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٣]. فعجل الله تعالى دمارهم وخرب ديارهم؛ فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا.
وما انتشرت وتولدت هذه الآفات والبدع، وأمثالها في الملة المحمدية إلا لقلة إنكارها، ولتخلية أولي الأمر هذه البدع من شهورها لسنيها، ومن غدوها لأبكارها، فلو قاموا بما أمروا به من إزالة المنكر، وجاهدوا بسيف الصدق لما شاعت هذه المصائب وأمثالها؛ ولأسرع تلاشيها وزوالها، والله سبحانه أمرنا بذلك فقال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [آل عمران: ١١٠].
وقد شهد العليم الفتاح لمن يأمر بالمعروف بالخير والفلاح، فقال المولى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٤]. وقال الملك الغفور: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [الحج: ٤١].
وروي عن النبي ﷺ أنه قال: «إن ربكم تعالى يقول: إياكم والتظالم،