للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال : «أهل البدع هم شرُّ الخلق والخليقة» (١).

وفي حديث آخر: «من تشبه بغيرنا فليس منا» (٢).

فانظر رحمك الله إلى هذا التوكيد وشدة الوعيد لمن خالطهم أو واكلهم أو سلَّم عليهم، أو وقَّرهم واستبشر في وجوههم.

فكيف يكون حال من فعل بفعلهم، أو صار في بدعة يقتدي الجاهل (٣) به؟

وكيف حال من دعا الناس إلى بدعته وحثَّهم عليها وحسَّنها لهم؟

وكيف من زعم أنها قربة إلى الله تعالى ويثاب عليها؟

كل هذه درجات بعضها أسفل من بعض، وظلمات بعضها فوق بعض، ونعوذ بالله العظيم من الجهل بعد العلم، ومن الضلالة بعد الهدى، وأن يرزقنا اتباع السنة، ويجنبنا البدعة والردى.

وإذا شاء الله تعالى وفَّق الجاهل وخذل العالم، وإن شاء عكس، وإن شاء وفقهم جميعًا، وإن شاء خذلهما جميعًا، والقدرة صالحة لكل شيء: ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣].

والجهل مصيبة في الدين؛ لقول رب العالمين لسيد المرسلين: ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: ١٩٩].


(١) أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (٣٩٥٨)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» ٨/ ٢٩١، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٥٣/ ٣٧٤، من حديث أنس ، وقال الألباني في «ضعيف الجامع» (٢١٠٤): ضعيف.
والذي صحَّ في هذا هو في الخوارج، وهم أول المبتدعة وأضرُّهم على أهل الإسلام، قطع الله دابرهم، ووقى المسلمين شرَّهم. أخرج مسلم في «الصحيح» (١٠٦٧) عن أبي ذر قال: قال رسول الله : «إن بعدي من أمتي -أو سيكون بعدي من أمتي- قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز حلاقيمهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه، هم شرُّ الخلق والخليقة».
(٢) سبق تخريجه.
(٣) في (ط): الجهال.

<<  <  ج: ص:  >  >>