للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومما يدلُّك على عظيم فضل الله عليه أن الله تعالى نهى أصحابه عن التقدُّم بين يديه، وأن لا يرفع أحد صوته عليه. فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [الحجرات: ٢ - ٣].

وفي فضله من هذا كثير. وله من المعجزات، ومكارم الأخلاق، ما لا تحصره الكتب والأوراق.

فكيف يفلح من يخرج عن سنته، أو يجعل له شرعًا غير شريعته؟ وقد قرن الحق سبحانه في اتباعه الهداية والفلاح، صلوات الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه، وأزواجه، وأتباعه ما غاب نجم ولاح. قال الله تعالى: ﴿فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٧]. فمن أراد الخير والفلاح، فعليه باتباع النبي وأصحابه ذوي الوجوه الملاح. فمن تبعهم بدَّل ليلَه بصباح. وأثبت أنه من أهل الدين والخير والصلاح. أي بُدل ليل المعصية بنهار الطاعة، قال بعضهم:

ليلي بوجهك مشرق … وظلامه في الكون (١) ساري

والناس في سُدف الظلام … ونحن في ضوء النهار


= من غير حرج ولا إثم. وقال الحسن البصري: أحلها الله له ساعة من نهار. وهذا المعنى الذي قالوه قد ورد به الحديث المتفق على صحته: «إن هذا البلد حرَّمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شجره، ولا يختلى خلاه. وإنما أُحلت لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، ألا فليبلغ الشاهد الغائب». وفي لفظ آخر: «فإن أحد ترخَّص بقتال رسول الله فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم». والحديث في صحيح البخاري (١٠٤)، وصحيح مسلم (١٣٥٣) من حديث ابن عباس . (ت)
(١) في (ط): الليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>