للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرِّحال للزيارة، ولطلب الحديث والعلم والسؤال، وكان السادات يقبلون أقدامه ويقولون: أنت سيدنا وخادم سيدنا، ومات من أولاده في طاعونٍ واحدٍ ثمانون ولدًا (١)، فذهبت الأموال والأولاد فقال : أهلًا بحبيبٍ جاء على فاقة، لا أفلح من ندم (٢).

فانظر إلى حسن صفات القوم. لو مات ميت في وقتنا هذا لأحاطت به البدع من كل مكان، وبالله التوفيق وبه المستعان، وسنذكر له بابًا في موضعه إن شاء الله تعالى.

ودعا أنس لرجل عطشت أرضه فجاءت سحابة فروت أرض الرجل وصهريجه ولم تسق أرض غيره (٣).

وهذا السيد أيضًا أنكر أفعال أهل زمانه وجلس يبكي رحمةً لهم.

وقال المبارك بن فضالة: صلى الحسن الجمعة ثم جلس فبكى، فقيل له: ما يبكيك يا أبا سعيد؟ فقال: تلومونني على البكاء؟ ولو أن رجلًا من المهاجرين اطلع من باب مسجدكم ما عرف شيئًا مما كانوا عليه على عهد رسول الله أنتم اليوم عليه إلا قبلتكم هذه (٤).

فانظر وتأمل قوله؛ فإنه من العلماء العاملين، ومن كبار التابعين؛ فإذا كان الباطل قد ظهر في زمانه حتى ما بقي يعرف من الأمر (٥) الذي كان عليه السادة إلا القبلة والشهادة، فما ظنك بأوقاتك هذه؟ فلو رأينا القوم لقلنا مجانين، ولو رأونا لقالوا شياطين.

وقال : «أنا في خير القرون، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم،


(١) انظر «تاريخ خليفة بن خياط» (ص ٦٩).
(٢) أخرجه الحاكم في «المستدرك» ٤/ ٥٠٠ من كلام حذيفة ولم أقف عليه من كلام أنس .
(٣) أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» ٧/ ٢١، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٩/ ٣٦٥.
(٤) لم أظفر به مسندًا، وذكره ابن القيم في «إغاثة اللهفان» ١/ ٢٠٦.
(٥) في (خ): الأمور.

<<  <  ج: ص:  >  >>