للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فانظر رحمك الله ما كان أحسن مقاصد القوم، وما قلت طرفًا من مكارم أخلاق هذا السيد إلا ليعرف قدره من جهله، وتبركًا للكتاب، ولنزول الرحمة على القائل والسامع من خزائن الكريم الوهاب.

قال الزهري: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي، فقلت له: ما يبكيك؟ قال: ما أعرف شيئًا مما أدركت إلا هذه الصلاة، وقد أضيعت (١). وكان من بعض خدام النبي فخدمه سنين، فلم يقل له في شيء فعله لم فعلته، ولا في شيء تركه لم تركته؟ (٢).

قال: وما رأيت رسول الله فارغًا قطُّ، إما يخيط ثوبًا لأرملة، أو نعلًا لمسكين (٣).

ودعا النبي لأنس عند وفاته بالبركة في عمره وولده وماله (٤)، فعاش مدة طويلة، وصلى خلف أبي بكر في خلافته وعمر وعثمان وعلي ومن بعدهم من الخلفاء أجمعين. وأخرج الله تعالى من ظهره مئة وثلاثين ولدًا، وكثرت الأموال والأولاد، وكان المسلمون يشدون له


(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» (٥٣٠)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٣١١٢).
(٢) أخرجه أحمد في «مسنده» ٣/ ١٩٥ (١٣٠٢١)، وعبد بن حميد في «مسنده» (١٣٦١)، والدارمي في «سننه» (٦٢)، والبخاري في «الصحيح» (٦٠٣٨)، وفي «الأدب المفرد» (٢٧٧)، ومسلم في «صحيحه» (٢٣٠٩) (٥١)، وأبو داود في «سننه» (٤٧٧٤)، والترمذي في «جامعه» (٢٠١٥).
(٣) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٤/ ١٠١ من حديث عائشة ، ولم أقف عليه عن أنس .
(٤) أخرجه أحمد في «مسنده» ٣/ ١٩٣ (١٣٠١٣)، وعبد بن حميد في «مسنده» (١٢٦٧)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٨٨)، ومسلم في «صحيحه» (٦٦٠) (٢٦٨) من حديث أنس قال: «دخل النبي علينا، وما هو إلا أنا وأمي وأم حرام خالتي، قال: «قوموا فلأصلي بكم» في غير وقت صلاة، فصلى بنا فقال رجل لثابت: أين جعل أنسًا منه؟ قال: جعله على يمينه، ثم دعا لنا أهل البيت بكل خير من خير الدنيا والآخرة. فقالت أمي: يا رسول الله، خويدمك ادع الله له. قال فدعا لي بكل خير، فكان في آخر ما دعا به: «اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه».

<<  <  ج: ص:  >  >>