للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال : اغد عالمًا أو متعلمًا أو متبعًا، ولا تكن الرابع فتهلك. قيل للحسن: ما الرابع؟ قال: المبتدع (١).

ونزل به ضيف في ليلة شاتية فأرسل إليهم الطعام، ولم يرسل إليهم بلحف، فعمد أحد الأضياف إليه ليلومه، فرآه جالسًا وامرأته ما عليهما من الثياب إلا ما يستر العورة، فرجع الرجل وقال لأبي الدرداء: ما أراك إلا بت بنحو ما بتنا به؟ فقال : إن لنا دارًا ننتقل إليه قدَّمْنا لحفنا وفرشنا إليها، ولو كان عندنا منه شيء لأرسلناه إليكم، وإنَّ بين أيدينا عقبةً كؤُدًا، المخِفُّ فيها خير من المثقل، أفهمت ما أقول؟ قال: نعم (٢).

وقيل له في مرضه الذي مات فيه: كيف تجدك؟ قال: أجد قلبي مطمئنًا بالإيمان. قالوا: فما تشتكي؟ قال: ذنوبي. قالوا: فما تشتهي؟ قال: مغفرة ربي. قالوا: نأتيك بطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني (٣).

وقال عند وفاته: من يعمل لمثل يومي هذا؟ من يعمل لمثل ساعتي هذه؟ من يعمل لمثل مضجعي هذا؟ ثم قرأ: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الأنعام: ١١٠] (٤) فقالت زوجته: اللهم زوجنيه في الجنة. فقال لها: فلا تتزوجي بعدي. قالت: فإن احتجت بعدك آكل الصدقة؟ قال: لا، اعملي وكلي، ولما مات وجدوا في ثوبه أربعين رقعة، وكان عطاؤه أربعة آلاف درهم. قالت: فإن ضعفت عن العمل؟ قال: التقطي الحب والسنبل وكلي. فلما توفي ووافتْ زوجته العدة خطبها معاوية فأبت، وكان لها حظ من الجمال (٥).


(١) أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (١٠٥).
(٢) أخرجه المعافى بن عمران في «الزهد» (٢١٠).
(٣) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٣٣/ ١٨٤ من كلام عبد الله بن مسعود ، ولم أقف عليه من كلام أبي الدرداء .
(٤) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» ١/ ٢١٧، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٠٦٦٦)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٤٧/ ١٩٧.
(٥) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» ١/ ٢٢٤ بنحوه، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٧٠/ ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>