للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإلى أين تذهب أيها الطالب وخير الهدي هدي النبي ، وشر الأمور محدثاتها؟ فبهداه اقتده، ولا تتبع كل خارج ومبتدع وهارب؛ فإن اقتديت اهتديت، وبلَّغك الله سبحانه المأمول والمطالب، فالخروج عن الطريق هو من عدم التوفيق؛ لأنه كلما اجتهد المبتدع وسار، بعد عن الأوطان والديار.

كان في عصر (١) الحسن البصري شاب متعبد فأتاه الحسن وقال له: يا بني، القوم سبقونا على خيل دُهم وبقينا بعدهم على حمر دبرة. فقال الشاب: يا سيدي إن كنا نتبع أثرهم فما أسرع اللحوق بهم، وإن كنا لم نقف أثرهم فلا نلحق بهم (٢).

قال المؤلف: هذه الحكاية فيها شبه لقول الصحابة للنبي : إنا نحب القوم ولما نلحق بهم. فقال: «المرء مع من أحب» (٣)، معناه: أي إذا سعيتم في أثرهم (ألحقكم الله بهم ببركة المحبة لهم أو السعي في أثرهم) (٤)، وإن كان عملكم قليلًا، ولا يدخل في حديث خير البرية المبتدع ولا من يترك العمل بالكلية، أمَّا المبتدع فلأجل بدعته، وأمَّا تارك العمل فلتعرضه لسخط الله ومخالفته؛ لأن الله سبحانه يحب الطائع المتبع، ويبغض العاصي والمبتدع، وإذا أحب الله عبدًا جعل صغير حسناته كبيرًا، وقليله كثيرًا، وإذا أبغضه لم يقبل منه شيئًا.


(١) في (ط): زمن.
(٢) لم أجده من كلام الحسن، وأخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» ٦/ ٣٧٩ من كلام الثوري.
(٣) أخرجه أحمد في «مسنده» ٣/ ١٥٩ (١٢٦٢٥)، وعبد بن حميد في «مسنده» (١٢٦٥)، وأبو داود في «سننه» (٥١٢٧)، وأبو يعلى في «مسنده» (٣٢٧٨) من حديث أنس .
وهو في الصحيح بغير هذا اللفظ أخرجه البخاري في «صحيحه» (٣٦٨٨) من حديث أنس ؛ أن رجلًا سأل النبي عن الساعة فقال: متى الساعة؟ قال: «وماذا أعددت لها» قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله ؛ فقال: «أنت مع من أحببت». قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي : «أنت مع من أحببت». قال أنس: فأنا أحب النبي ، وأبا بكر، وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم.
(٤) ما بين القوسين ليس في (خ).

<<  <  ج: ص:  >  >>