للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خُلقوا من الرحمة، ونبينا عين الرحمة (١).

ورأى الشيخ أبو الحسن النبيَّ في منامه فقال له: يا أبا الحسن، جعلك الله رحمةً في العالمين!، فقال: ادع لي يا رسول الله أن يجعلني رحمة للعالمين. قال: ذاك أنا (٢).

وقوله: رحمةً للعالمين: العالم عبارة عن كل شيء سوى الله تعالى وصفاته. وقوله : «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» (٣) والسيد من اتصف بالصفات العليَّة، والأخلاق السَّنية.

وقوله: «ولا فخر» ليعرِّف أمته منزلته، ويقطع وهم من يتوهم من الجهال أنه ذكر ذلك افتخارًا، فكان التواضع خلق النبي المختار، لا التكبر والافتخار. فلما خصه الله تعالى بهذه النعمة أمره الله تعالى بإظهارها فقال تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: ١١] كقول بعض الناس: لله علينا نعم كثيرة، فهذا ما زكى نفسه ولا مدح إياه، بل أثنى على خالقه ومولاه.


(١) لم يسمِّ المصنف شيخه هذا، وهو: ابن عطاء الله الإسكندري (ت: ٧٠٩ هـ)، فقد قال في كتابه «لطائف المنن» (ص: ٦٢، دار البشائر): سمعتُ شيخنا أبا العبَّاس يقول: جميع الأنبياء خلقوا من الرحمة، ونبينا عينُ الرحمة. ثم ذكر الآية من سورة الأنبياء. وأبو العباس هو أحمد بن عمر المرسي (ت: ٦٨٦ هـ)، تلميذ أبي الحسن الشاذلي (ت: ٦٥٦ هـ).
قلتُ: هذا الكلام من دعاوى الصوفية التي تفتقر إلى برهان شرعي، وليس لهم في الآية مستندٌ، فإنه سبحانه قد أخبر أنه بعث نبيه الكريم رحمةً للعالمين، فلو كان هو عين الرحمة لكان وصفه بها أولى. وإنما يتوسل الصوفية بمثل هذه المبالغة إلى عقيدتهم بوحدة الوجود. (ت)
(٢) أبو الحسن: هو علي بن عبد الله المغربي الشاذلي (ت: ٦٥٦ هـ)، طُرد من بلاد المغرب متَّهمًا بالزندقة لكلامه على طريقة الصوفية، فانتقل إلى الإسكندرية، وصار له أتباع فيها، وإليه تنتسب فرقة الشاذلية. (ت)
(٣) أخرجه أحمد في «مسنده» ٣/ ٢ (١٠٩٨٧)، وابن ماجه في «سننه» (٤٣٠٨)، والترمذي في «جامعه» (٣١٤٨) مطولًا من حديث أبي سعيد. وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>