للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد سخط عليه وأبعده من رحمته، وبعض أهل الطاعة لا يستطيع المكث في المسجد ساعة، مع علمه أن الصلاة تضاعف لأجل الجماعة، وتدعو له الملائكة (١)، والخطأ يذهب بالخُطا، ويكون جليس الله سبحانه، ومتبعًا لصاحب المعجزات والشفاعة، والسجود يقرب لرب الأرباب، ودعاء الملائكة مستجاب، فاجتهدوا يا أولي الألباب. فالصلاة صلة بالله سبحانه، وتطهر صاحبها، ودعاء الملائكة لا يرد، جاء ذلك في حديث صحيح بلا كذب (٢)، واسمع قوله تعالى: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ [العلق: ١٩]، وهي طريق الأنبياء والأولياء، وكل طالب وعابد، وفي الحديث الصحيح: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» (٣).


(١) أخرج البُخاري في «صحيحه» (٤٧٧)، ومسلم في «صحيحه» (٦٤٩) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين درجة؛ وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة».
(٢) لم نجد حديثًا صريحًا في أن دعاء الملائكة مستجاب، وقد قال ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» ٢/ ٩٥: «فمن كان كثير الذنوب، وأراد أن يحطها الله عنه بغير تعب، فليغتنم ملازمة مكان مصلاه بعد الصلاة، ليستكثر من دعاء الملائكة واستغفارهم له، فهو مرجو إجابته لقوله: [وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى] [الأنبياء: ٢٨]». وقال أيضًا ٣/ ٤٣٩: «ومعلوم أن دعاء الملائكة مجاب، بدليل قوله : «فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة؛ غفر له ما تقدم من ذنبه». وهذا الحديث في «الصحيحين». وأخرج البخاري (٥١٩٣) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء، لعنتها الملائكة حتى تصبح». فقال ابن حجر في شرحه: «فيه دليل على قبول دعاء الملائكة من خير أو شر، لكونه خوَّف بذلك».
والمقصود أن تقرير قبول دعاء الملائكة يثبت بأدلة تفصيلية، وليس بنصِّ صريح، والله أعلم. (ت)
(٣) أخرجه أحمد في «مسنده» ٢/ ٤٢١ (٩٤٦١)، ومسلم في «صحيحه» (٤٨٢) (٢١٥)، وأبو داود في «سننه» (٨٧٥)، والنسائي في «المجتبى» ٢/ ٢٢٦ (١١٣٧)، وفي «السنن الكبرى» (٧٢٣)، وأبو يعلى في «مسنده» (٦٦٥٨)، وابن حبان في «صحيحه» (١٩٢٨) من حديث أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>