للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والألفاظ مختلفة والمعنى واحد؛ أي: لا تبتدعوا في أفعالكم ولا في أقوالكم. فمن خالف وابتدع يرجع وبال البدعة عليه يوم يوقفه الحقُّ بين يديه فلا يتقبل الله أعماله ولا يزكي أقواله، ولا يرفعهما إليه؛ لأن عمل المبتدع وقوله ليس بصالح.

وقد قال الله سبحانه: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠] وقال صلوات الله عليه وسلامه: «لا يقبل الله لصاحب بدعة صومًا ولا صلاة ولا زكاة ولا حجًّا ولا عمرة ولا جهادًا ولا صرفًا ولا عدلًا، ويخرج من الإسلام كما يخرج السهم من الرمية، أو تخرج الشعرة من العجين» (١)، فالخروج عن (٢) الطريق هو من عدم التوفيق كما قيل:

قل لمن أعرض عنا … إن إعراضك منا

لو أردناك لأضحى … كل ما فيك يردنا

قال الله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [المائدة: ٦٨] معناه: أي يا أهل كل كتاب لستم على شيء حتى تكونوا متبعين لا مبتدعين.

ولا يظن الجاهل أن المراد بأهل الكتاب اليهود والنصارى فقط، والوصية لهما، بل ولنا أيضًا؛ لأن الله تعالى لا ينصح اليهود والنصارى ويترك المسلمين؛ ألم تسمع قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: ١٣١]، ومن جملة التقوى اتباع النبي ، والمبتدع لا يعد من المتقين، بل هو من جملة الفاسقين، وأعماله مردودة عليه لقول رب العالمين: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: ٢٧] والمتقي مَنْ اتبع، والشيطان مَنْ ابتدع، وما نكب الله تعالى


(١) أخرجه ابن ماجه في «سننه» (٤٩) عن حذيفة.
وقال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (١٨): إسناده ضعيف. وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (١٤٩٣): موضوع.
(٢) في (ط): من.

<<  <  ج: ص:  >  >>