للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البدع والعمل بما نقول؛ فإن القول بلا عمل كقوس بلا وتر؛ أو كسحاب بغير مطر، وهو من حظوظ النفس وتسويل الشيطان، ومن قلة التوفيق ولزوم الخذلان؛ لأن النفس الأمارة ترى القبيح حسنًا.

قال المولى: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء﴾ [فاطر: ٨] الآية. وقال من لا يخلف الميعاد: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ [الزمر: ٢٣].

وقال بعضهم في هذا المعنى:

يا غاديًا في جهله ورائحًا … إلى متى تستحسن القبائحا

يا عجبًا منك وأنتَ مبصر … كيف تجنبت الطريق الواضحا

والناس مكلفون إلى يوم القيامة بأن يقتدوا بمن ظللته الغمامة، ويتبعوه في أقواله وأفعاله، ويتأدبوا بآدابه.

فمن فعل ذلك جعله الله تعالى من أوليائه وأحبابه. ومن أبى صرفه الله عن رحمته وطرده عن بابه، وأذاقه أليم عذابه.

فمن أدركته المنَّة دخل في السنة؛ لأن المتابعة تثبت الاتصال، وعدمها يثبت الانفصال.

قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم : ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ [إبراهيم: ٣٦] يفهم من هذا أن من لم يتبعه ليس منه.

وقوله : «سلمانُ منَّا أهلَ البيتِ» (١)، ومعلوم أن سلمان من فارس لكن لمتابعة المحبوب حصل له المطلوب، وعدم المتابعة للحبيب تبعد القريب. قال المولى حكاية عن نوح : ﴿إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي﴾ [هود: ٤٥] فأجابه الله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾ [هود: ٤٦].


(١) أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» ٤/ ٨٢ - ٨٣، والطبراني في «معجمه الكبير» ٦/ ٢١٢ (٦٠٤٠) من حديث عمرو بن عوف المزني.
قال الهيثمى في «مجمع الزوائد» ٦/ ١٣٠: فيه كثير بن عبد الله المزني، وقد ضعفه الجمهور، وحسن الترمذي حديثه، وبقية رجاله ثقات. وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (٣٧٠٤): ضعيف جدًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>