للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحكى أن الشبليَّ (١) رأى امرأةً تصيح خلف جنازة ولدها وتقول: والله ما لي سواه. فصاح الشبلي وقال: آه! إن طردني من ليس لي سواه (٢). فقد علمت أن الله سبحانه علق طاعته بطاعة رسوله، وحكمه بحكمه، قال المولى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: ٨٠]، وقال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥].

وقرن اسمه باسمه فحيث ذُكر الله تعالى، ذُكر معه: لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ وفي الأذان والإقامة إلى يوم القيامة.

فلا تخرج عن طريقه أيها المؤمن وعليك بالاستقامة، فلن يقبل الله سبحانه من أحد طاعة حتى تكون موافقة لصاحب الكرم والشجاعة والشفاعة، ولا يقبل من أحد لا إله إلا الله حتى يعتقد أن محمدًا رسول الله.

فمن عمل عملًا أو تكلم بكلام أو أشار بشيء لا يوافق الكتاب والسنة والخلفاء الراشدين، وإجماع المسلمين فهو بدعة وضلالة وترد على القائل أو الفاعل؛ لقوله : «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (٣). ونعوذ بالله العظيم من مكابرة العقول، ومخالفة المنقول، ونسأله الحراسة من


(١) هو أبو بكر البغدادي، من مشايخ الصوفية، اختلف في اسمه، فقيل: دلف بن جحدر. وقيل: جعفر بن يونس. وقيل: جعفر بن دلف، أصله من الشبلية، قريةٌ. ومولده بسامراء. وكان أبوه من كبار حجاب الخلافة. وولى هو حجابة أبي أحمد الموفق، ثم لما عزل أبو أحمد من الولاية، حضر الشبلي مجلس بعض الصالحين. فتاب ثم صحب الجنيد وغيره، وصار من شأنه ما صار. قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» ١٥/ ٣٦٧: وكان فقيهًا عارفًا بمذهب مالك، وكتب الحديث عن طائفة. وقال الشعر، وله ألفاظ وحكم وحال وتمكُّن، لكنه كان يحصل له جفاف دماغ وسُكر. فيقول أشياءَ يعتذر عنه، فيها بأْوٌ لا تكون قدوة. وكان لهجًا بالشعر الغزل والمحبة. وله ذوق في ذلك، وله مجاهدات عجيبة انحرف منها مزاجه. توفي ببغداد سنة (٣٣٤ هـ)، عن نيف وثمانين سنة.
(٢) لم أقف على هذه الحكاية. وذكر الذهبي في السير ١٥/ ٣٦٨: قيل: إن الشبلي مرة قال: آهٍ! فقيل له: من أي شيء؟ قال: من كل شيء.
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>