نهى الشيخ عن ذلك لكي ينقذ أخاه من البدعة القبيحة؛ لما ورد في الأحاديث الصحيحة:«إنَّ الدين النصيحة»(١). قال الله تعالى تكريمًا لنبيه وتعظيمًا: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥].
اعلم رحمك الله تعالى أن إثبات الكاف في قوله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ﴾ [النساء: ٦٥]، ونحوها في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ﴾ [الفتح: ١٠] ما قال: «كأنَّما» في فضله وشرفه كافٍ، وقال المولى تشريفًا لنبيِّه وحبيبه وتكريمًا: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: ٨٠] وفي آية أخرى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧١] معناه: أي يا محمد من أطاعك أطاعني، ومن بايعك بايعني، ومن أنكرك ما عرفني.
قال المؤلف لهذا الكلام: بدأت فيه وأنا نزيل مكة زادها الله تعالى تعظيمًا وشرفًا، ومتعنا وجميع المسلمين بالحج المبرور وزيارة النبي المصطفى ويجعلنا وجميع المسلمين من أهل السنة والخير والوفاء.
وكنت وقت أن بدأت فيه ضعيفًا من جميع الجهات: من جهة البدن، ومن جهة العلم والعمل، والعربية، وبُعد الذهن، وقلة الكتب في هذا الفن، وما يرادفها من الأحاديث النبوية. وقد قلت بعض الأحاديث والحكايات بالمعنى، وقد جوز ذلك بعض العلماء، وفيه تيسير لمن قد حل بقلبه الغفلة والعمى، وقد قرأ خطيب مكة بعض هذا الكتاب على نزيل مكة وقاضيها، واختار بعض صلحاء مكة أن يكون لهذا الكتاب اسم فسميته كتاب:«اللمع في الحوادث والبدع». نفع الله به القائل والقارئ والناظر ومن استمع؛ وصلواته على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ما غاب نجم أو طلع.
اعلم يا أخي: أن الله سبحانه ندب عباده إلى الدخول في طريق توصلهم إليه بقوله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ﴾ [الأنعام: ١٥٣].