للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال للمؤلِّف بعض المجاورين بمكَّة: إن مريدًا قال لشيخه: يا سيدي، رأيتك البارحة في المنام، وقد تبدَّل وجهكَ بوجه خنزير! فقال الشيخ: يا بني، الشيخ مرآة المريدين، والمرآة لا يرى إلا ما ظهر فيها، والمنام يا بني هو صفتك، ثم اعلم أن من أصلح نهاره أصلح الله ليله، وصحة المنام موقوف على الصدق في الأحوال والكلام، فمن أراد أن يصلح الحق سبحانه له اليقظة والمنام، ويدخل الجنة مع بدر التمام، ويسلم (١) من التوبيخ والملام، فَلْيُطِعِ الملك العلام، ولا يخرج عن طريق النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، بدخوله في ذم المسلمين، وفيما يراه لهم من نحس المنام، كان بعضهم يقول:

لا تشتغل بالعتب للورى … فيضيع وقتك والزمان قصير

وعلام تعتبهم وأنت مصدق … أنَّ الأمور جرى بها المقدور

هم لم يوفوا للإله بحقِّه … أتريد توفِّيه وأنت حقير

فاشهد (٢) حقوقَهم وقم لهم (٣) بها … واستوف منك لهم وأنت صبور

فإذا فعلت فأنت أنت بعين من … هو بالخفايا عالم وخبير

قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (١٩)[النور: ١٩].

روي أن عائشة ذكرت للنبي قِصَر صفية، فقال لها: «لقد قلت كلمةً لو مزجت بماء البحر لمزجته» (٤).


(١) في (خ، ب): ويسلمه.
(٢) في (ب): واشهد.
(٣) ليست في (خ).
(٤) أخرجه أحمد في «مسنده» ٦/ ١٨٩ (٢٥٥٦٠)، وأبو داود في «سننه» (٤٨٧٥)، والترمذي في «جامعه» (٢٥٠٢) من حديث عائشة قالت: حكيت للنبي رجلًا؛ فقال: «ما يسرني أني حكيت رجلًا، وأنَّ لي كذا وكذا». قالت: فقلت: يارسول الله، إنَّ صفية امرأة. وقالت بيدها هكذا كأنها تعني قصيرة، فقال: «لقد مزجت بكلمة لو مزجت بها ماء البحر لمزج».
وصححه الألباني في «صحيح سنن الترمذي».

<<  <  ج: ص:  >  >>