للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيًّا … ولكن لا حياة لمن تنادي

فإذا رأى المسلم في منامه عن ميت كان خيرًا، مثل أن رآه في النار، أو عليه ثوب أسود، وما يشبه (١) ذلك؛ فلا يسيء الظن به، ولا يقص هذا المنام على أحد من الأنام، فيخرج عن سنة خير الأنام صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه السادة الكرام. بل يكذِّب منامه تصديقًا للحديث؛ فإن النبي أمرنا أن نشهد لأهل الخير بالخير، وأن لا نسيء الظن بالمسلمين، فقد تكون الرؤيا أضغاث أحلام، أو حديثُ نَفْسٍ، أو من تدنيس الشياطين اللئام، يريد الشيطان لتسيء (٢) الظن بأخيك؛ فيحرمك الله تعالى أجر حسن الظن، ويوقعك (٣) في الغيبة؛ فتبتلى ببلية عظيمة ومصيبة.

وقد وَرَدَ: لا تسئ الظن بالكلمة تسمعها من أخيك، وأنت (٤) تجد لها في الخير محملًا (٥). كمن سمع من رجل يقول عن نفسه: إنه مقصر أو مدبر أو عاصٍ، لا تحمل كلامه على حقيقة المعصية، بل تحمل كلامه أنه مُخرِّب على نفسه، أو على غفلة طرأت على قلبه، فترى من نوَّر الله قلبه يجتهد في أوصاف محاسن الناس، ويتعامى عن عيوبهم، وإن وقعت منهم منقصة يعتذر عنهم، فيقول: لعله نسي، أو ما علم أن هذه خطية، أو ما عمل هذه المثوبة لعذر لحقه، فالمؤمن حقًّا من يعمل على سلامة عرض أخيه خوفًا من أن يعافي الله الأخ ويبتليه، فإن كلم الرجل امرأة يُحْمَلُ أمرهما على أن الرجل مَحْرَمٌ لها أو زوج، فإن رأيت في تصانيف بعض الفضلاء شيئًا لا يوافق الشرع فلا تَنْفِ عنه الفضيلة، ولا تستحمره نفسك الثقيلة؛ فإنها لا تصلح أن تكون تلميذًا له، فيمقتها الله سبحانه بقدرته


(١) في (خ): يناسبه.
(٢) في (ق، ب): ليسيء.
(٣) في (خ): أو يوقعك.
(٤) في (خ): فأنت. وفي (ق): ما دمت.
(٥) جزء من أثر طويل أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٨٣٤٥)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٤٤/ ٣٦٠ من كلام عمر بن الخطاب .

<<  <  ج: ص:  >  >>