للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دليل ما تقدم ذكره: قال : «تعجلوا الحج؛ فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له» (١). فتأخير الحج بغير عذرٍ شديدٌ وإثمه أكيدٌ؛ لقوله : «من لم يمنعه من الحج حاجة، أو مرض حابس، أو سلطان جائر، فمات؛ فليمت إن شاء يهوديًّا وإن شاء نصرانيًّا» (٢).

في هذا الحديث إشارة لتشبه هذا المسلم بتركه للحج عامدًا باليهود والنصارى؛ لأنهم يتعبدون بالصوم والصلاة والزكاة والصدقات، ولا يتعبدون بالحج، ولا يهتمون له، ولا ينبغي للمسلمين أولي الألباب أن يتشبهوا بأهل الكتاب، ولا بكل فاسق مرتاب؛ لكي لا يحشرون (٣) معهم، ويغضب عليهم رب الأرباب؛ لقوله : «من تشبه بغيرنا فليس منا» (٤)، و «من تشبه بقومٍ فهو منهم» (٥)، صحَّ ذلك عن النبي وعلى الآل والأقارب والأصحاب، وعلى كل عبد اتبع القوم ثم أناب.

روي أن عمر بن الخطاب قال: لقد هممت أن أكتب إلى نوابي في الأمصار: من وجب عليه الحج ولم يحج أن تضرب عليه الجزية، والله ما أراهم مسلمين. قالها ثلاثًا (٦).

وعن إبراهيم النخعي ومجاهد وطاوس أنهم قالوا: لو علمنا أن رجلًا وجب عليه الحج ومات ولم يحج ما صلينا عليه (٧).

وسئل سعيد بن جبير عن رجل وجب عليه الحج، ومات ولم يحج، قال: هو في النار. كررها ثلاثًا (٨).


(١) أخرجه أحمد في «مسنده» ١/ ٣١٣ (٢٨٦٩)، وابن ماجه في «سننه» (٢٨٨٣)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٦٠٣١)، عن ابن عباس، عن الفضل، أو أحدهما عن الآخر قال: قال رسول الله : «من أراد الحج، فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة».
وحسَّنه الألباني في «إرواء الغليل» (٩٩٠).
(٢) أخرجه الدارمي في «سننه» (١٧٨٥)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٣٩٧٩) من حديث أبي أمامة ، وضعفه الألباني في «ضعيف الترغيب والترهيب» (٧٥٤).
(٣) كذا، وصوابه: (لا يحشروا).
(٤) سبق تخريجه.
(٥) سبق تخريجه.
(٦) أخرجه اللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» (١٥٦٧) من طريق مطر الوراق عن عمر، وهذا منقطع، وعزاه الزيلعي في «نصب الراية» ٤/ ٤١١ لسنن سعيد بن منصور من طريق الحسن عن عمر، وهذا أيضًا منقطع.
(٧) ذكره الغزالي في «إحياء علوم الدين» ١/ ٢٤٥.
(٨) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>