للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذه الأربع خصال، وبها صارَ الأبدالُ أبدالًا: إخماص (١) البطن، والصمت، وسهر الليل، واعتزال الخلق (٢).

ودخل رجل على شعيب فقال له: ما جاء بك رحمك الله؟ قال: جئت أؤانسك. قال: تؤانسني ولي أعالج الوحدة أربعين سنة (٣).

اعلم رحمك الله تعالى أنك خرجت إلى الدنيا وحدك، وستدخل القبر وحدك، وستقوم يوم القيامة وحدك، قال الله تعالى: ﴿وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ [مريم: ٩٥].

فعلم نفسك الوحدة والانفراد، واعمل ليوم المعاد، قال الله تعالى: ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾ [الصافات: ٦١]، فمن ضيَّق على نفسه في الدنيا؛ وَسَّعَ الله عليه في الآخرة.

قال أبو مسلم الخولاني: كان الناس ورقًا لا شوك فيه، وهم اليوم شوك لا ورق فيه (٤).

وقال الفضيل: إذا رأيت السبع فلا يهولك، وإذا رأيت ابن آدم ففر منه (٥).

دخل رجل من أهل العزلة على أخٍ له، فوجد عنده جماعة قد اجتمعوا حوله، فوقف ولم يقعد، ثم نظر إلى أخيه المزار وقال له: صرت مناخًا للبطالين. ثم ذهب (٦).


(١) إخماص البطن: إجاعتها. «لسان العرب» مادة: خمص.
(٢) ذكره التستري في «تفسيره» ١/ ٢١٨، وأبو طالب المكي في «قوت القلوب» ١/ ١٧٤.
(٣) أخرجه ابن أبي الدنيا في «العزلة والإنفراد» (٥٥)، وابن الجوزي في «صفة الصفوة» (٣٧٢).
(٤) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» ٢/ ١٢٣، ٣/ ١٦١، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ٢٧/ ٢٢٨ عن أبي مسلم الخولاني.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «مداراة الناس» (١٣)، وذكره الغزالي في «الإحياء» ٣/ ١٧٨، وأبو طالب في «قوت القلوب» ٢/ ٣١٩ عن أبي الدرداء.
(٥) أخرجه البيهقي في «الزهد» (١٥٢)، والخطابي في «العزلة» ١/ ١٤٦، وابن عساكر في «تاريخه» ٤٨/ ٤٠٩.
(٦) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» ١٠/ ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>