للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستواء والكلام والنزول، بل يكتفي الديان من العبد بالإيمان؛ يؤمن بذلك كله. وقد أجمع العلماء أن العرش والكرسي مخلوقان، أفيخلق شيئًا ثم يحتاج إليه؟! فمن اعتقد ذلك فقد افترى عليه؛ فثبت أن هذا عند أهل البصيرة محال، فاتركه وخف من شديد المحال، فالخوض في مثل هذه الأشياء يجر إلى التعمق في الدين، وهو مفتاح الضلال، ومن جملة ما نهينا عنه من الجدال، وكان سبب هلاك الأمم الماضية، فاحذر من هذه الداهية، واكتف بما ثبت من السنة المباركة الماضية، قال : «المتمسك (١) بسنتي عند فساد أمتي له أجر مئة شهيدٍ» (٢) فتمسك بها، وعض عليها بالنواجذ؛ لتنجو غدًا من الكرب والشدائد، فقد جاء في الحديث الصحيح: «من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» (٣).

دخل الزهري على أنس بن مالك بدمشق فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقال: ما أعرف شيئًا على عهد رسول الله ، إلا وقد أنكرته اليوم (٤). فيجب على المسلم التمسك بالسنة لكي تدركه المنة؛ قال : «من أحيَى سنتي كان معي في الجنة» (٥).

فلا يتكلم المسلم في الله وصفاته، ولا يناظر أحدًا في ذاته؛ فقد جاء في الحديث الصحيح: أن هلاك هذه الأمة إذا تكلمت في المولى القدير الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (٦)، فيقتصر الإنسان على القرآن


(١) في (ب): التمسك.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) أخرج البخاري (٥٣٠) عن عثمان بن أبي رواد، أخي عبد العزيز بن أبي رواد، قال: سمعت الزهري، يقول: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ فقال: لا أعرف شيئًا مما أدركت إلا هذه الصلاة وهذه الصلاة قد ضيعت.
(٥) سبق تخريجه.
(٦) لم نقف عليه صريحًا، ولعله يشير إلى ما أخرجه البخاري (٧٢٩٦) من حديث أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : «لن =

<<  <  ج: ص:  >  >>