للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقبل أعمالهم وسلمها من البدعة والسمعة والرياء، فغرق في هذا البحر أناس كثيرون، وهوى بهم ما هوى؛ قال : «تفكروا في آلاء الله، ولا تتفكروا في ذاته» (١).

وكان يقول: «لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك» (٢).

وسئل أبو حنيفة ومالك رحمة الله عليهما عن الاستواء: كيف استوى الله سبحانه على عرشه؟ فقالا: الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة (٣). فأمسكا عن ذلك مع علمهما وقوة إيمانهما، وتكلمت فيه هذه الطائفة الخبيثة مع ضعفها وجهلها.

وسئل أبو حنيفة: من هو أهل السنة؟ قال: من قدم الشيخين وأحب الحسنين وفي رواية: وأحب الختنين، يعني عثمان وعليًّا ورأى المسح على الخفين، ولم يكفِّر أحدًا بذنبٍ، ولم ينطِقْ في الله بشيء.

ثم اعلم بأن النبي وأصحابه أجمعين لم يتكلموا في مثل هذا ولا التابعين، ولن (٤) يسأل الله تعالى عبده يوم القيامة عن حقيقة


=أخبرنا بها النبي في سنته؛ فحقٌ لازم أيضًا، ولا يجوز أن نتعرض لها بالتحريف والتأويل، ولا بالتمثيل والتكييف، بل نؤمن بها، ونجزم بالعلم بها، ونثبت ظواهرها كما جاءت، ونعلم أنها حقٌّ. فهاهنا فرق بين إثبات العلم وإثبات الكيف، فلا يجوز التفويض في الأول، ويجب في الثاني، كما أننا نثبت عذاب القبر علمًا ويقينًا، ولا ندرك كيفيته، وجهلنا بها غير قادح في علمنا به. وما سيذكره المؤلف عن أبي حنيفة ومالك يدل على هذا التفصيل ويرشد إليه. (ت)
(١) أخرجه الطبراني في الأوسط (٦٣١٩)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٢٠) من حديث ابن عمر .
قال البيهقى: هذا إسناد فيه نظر.
وقال الهيثمي في «المجمع» (١/ ٨١): فيه الوازع بن نافع وهو متروك.
(٢) أخرجه مالك في «الموطأ» (١٥٠)، وأحمد في «مسنده» ٦/ ٥٨ (٢٤٣١٢)، ومسلم في «صحيحه» (٤٨٦)، وابن ماجة في «سننه» (٣٨٤١)، وأبو داود في «سننه» (٨٧٩)، والترمذي في «جامعه» (٣٤٩٣) من حديث عائشة .
(٣) راجع: «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» ٢/ ٣٧٩.
(٤) في (خ): ولم.

<<  <  ج: ص:  >  >>