للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي خير العباد، فيقول أحدهم لولده: ولدي إن شاء الله! ولشيء قد مضى حكمه وانفصل أمره، فيقول: سما إن شاء الله! أو لعصاه: هي عصًى إن شاء الله! ونعوذ بالله من قولهم لرسول الله : نبي إن شاء الله. ومقتهم لأهل السنة، وكسرهم ما يمسونه من الأواني، ولتطهيرهم لمكان جلس عليه لابس الثوب الأزرق؛ لأنه عندهم من صفات أهل النار، ويستدلون بقوله تعالى: ﴿وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا﴾ [طه: ١٠٢]. قال العلماء: زرق العيون (١). قالوا هم: بل زرق الثياب. وقد تشبه من تغالى منهم (في كسر) (٢) آنية مسَّها السُّني بيده، أو (٣) شرب منها بالسمرة، وخالف المسلمين البررة، وعدل عن قول الحق سبحانه فيما أمره؛ قُتل هذا العبد ما أكفره، فهذا مبتدع ومسرف، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾


= بصوت إلا ابن كُلَّاب ومن اتبعه، كما أنه ليس في طوائف المسلمين من قال: إن الكلام معنى واحد قائم بالمتكلم إلا هو ومن اتبعه، وليس في طوائف المسلمين من قال: إن أصوات العباد بالقرآن قديمة أزلية، ولا إنه يسمع من صوتًا قديمًا، ولا إن القرآن نسمعه نحن من الله إلا طائفة قليلة من المنتسبين إلى أهل الحديث من أصحاب الشافعي وأحمد وداود وغيرهم، وليس في المسلمين من يقول: إن الحرف الذي هو مداد المصاحف قديم أزلي؛ فإثبات «الحرف والصوت» بمعنى أن المداد وأصوات العباد قديمة بدعة باطلة، لم يذهب إليه أحد من الأئمة، وإنكار تكلم الله بالصوت وجعل كلامه معنى واحدًا قائمًا بالنفس بدعة باطلة، لم يذهب إليها أحد من السلف والأئمة. والذي اتفق عليه السلف والأئمة أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ، وإليه يعود، وإنما قال السلف: «منه بدأ» لأن الجهمية من المعتزلة وغيرهم كانوا يقولون: إنه خلق الكلام في المحل. فقال السلف: منه بدأ. أي: هو المتكلم به فمنه بدأ، لا من بعض المخلوقات كما قال تعالى: ﴿تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم﴾ وقال تعالى: ﴿ولكن حق القول مني﴾، وقال تعالى: ﴿ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق﴾، وقال تعالى: ﴿قل نزله روح القدس من ربك بالحق﴾، ومعنى قولهم: «إليه يعود» أنه يرفع من الصدور والمصاحف، فلا يبقى في الصدور منه آية، ولا منه حرف؛ كما جاء في عدة آثار. (مجموع الفتاوى: ٦/ ٥٢٧).
(١) انظر تفسير «معالم التنزيل» للبغوي ٥/ ٢٩٤.
(٢) في (ق): بكسر.
(٣) زاد في (خ): شربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>