للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرةً وشُغل عنه ولدُه باللعب، وأخذ الرجلَ بطنُه فخاف الفضيحةَ، فسأل الله تعالى بردِّ بصره؛ فأبصر، قال مالك بن أنس: رأيته بصيرًا ثم أعمى ثم بصيرًا (١).

والولي ليس بمعصوم، والمعصية لا تسقط ولايته؛ (٢) (لأنه لم يتعمدها، وليست بباله، فإذا رماه فيها الشيطان أخذ بيده الرحمن؛ لأجل رجوعه بالتوبة والندم والاستغفار، وحلَّ من قلبه عقدة الإصرار.

قال رب العالمين: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٥ - ١٣٦].

وقال : «لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار» (٣).

وفي حديثٍ آخر: «ما أصرَّ (٤) من استغفر، ولو عاد في اليوم مئة


(١) أخرج ابن الجوزي في «المنتظم في تاريخ الملوك والأُمم» ٨/ ١٦٤، في ترجمة: (يونس بن يوسف أبو عمر بن حماس، وقيل: يوسف) وكان عابدًا مجتهدًا يصوم الدهرَ ويقوم الليل، وكان مستجاب الدعوة، توفي سنة (١٥٢ هـ) بإسناده عن أبي ضمرة عاصم بن أبي بكر الزهري، قال: سمعت مالك بن أنس يقول: كان يونس بن يوسف من العباد أو قال: من خيار الناس فأقبل ذات يوم، وهو رائح من المسجد، فلقيَتْه امرأةٌ، فوقع في نفسه منها، فقال: الَّلهم إنك جعلت لي بصري نعمةً وقد خشيتُ أن تكون عليَّ نقمة فأقبضه إليك. قال: فعمي، وكان يروح إلى المسجد يقوده ابن أخ له، فإذا استقبل به الأسطوانة اشتغل الصبيُّ يلعب مع الصبيان، فإن أتته حاجة حصبه فأقبل إليه، فبينا هو ذات ضحوةٍ في المسجد إذ حس في بطنه بشيء فحصب الصبيَّ، فاشتغل عنه مع الصبيان، حتى خاف الشيخ على نفسه، فقال: اللَّهم إنك كنت جعلت لي بصري نعمة وخشيت أن يكون نقمة فسألتك فقبضته إليك، وقد خشيت الفضيحة فردَّه عليَّ. فانصرف إلى منزله صحيحًا يمشي. قال مالك: فرأيته أعمى، ورأيته صحيحًا.
(٢) من هنا بداية سقوط ورقة من (ق).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) في (ط): ضر.

<<  <  ج: ص:  >  >>