للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظيم وملك مقيم، وقد أعلمني أن الله تعالى قد أجاب دعاءكن ولم يخيب مسعاكن، وقد وهب لكن أباكن؛ فاشكرنه على ما أولاكن.

قال: فقالت الصغرى: يا مؤنس القلوب، ويا ساتر العيوب، ويا كاشف الكروب، ويا غافر الذنوب، ويا عالم الغيوب، ويا مبلغ أمل المطلوب، قد علمت ما كان من مسألتي، ورغبتي واعتذاري في خلوتي، واستقامتي من زلتي، وتنصُّلي من خطيئتي، وأنت اللهم تعلم همتي، والمطلع على نيتي، والعالم بطويتي، ومالك رقبتي، والآخذ بناصيتي، وغايتي في طلبتي، ورجائي عند شدتي، ومؤنسي في وحدتي، وراحم غربتي، ومقيل عثرتي، ومجيب دعوتي، فإن كنت قصرت فيما (١) أمرتني، وركنت إلى ما عنه نهيتني، فبحلمك حملتني، وبسترك سترتني، فبأي لسان أذكرك؟ وعلى أي نعمك أشكرك؟ ضاق بكثرتها تضرعي (٢)، فيا أكرم الأكرمين، ويا غاية الطالبين، ويا مالك يوم الدين، الذي يعلم ما يخفى (٣) في الضمير، وتدبَّر من الصغير والكبير، فإن كنت قضيت الحاجة بفضلك وشفعتني في عبدك؛ فاقبضني إليك إنك (٤) على كل شيء قدير. ثم صرخت صرحة فارقت الدنيا رحمة الله علينا وعليها.

قال: ثم قامت الثانية، فنادت بأعلى صوتها: يا رب، يا رب، فرِّج كربتي، وخلِّص من الشك قلبي، يا من أقامني من صرعتي، وأقالني من عثرتي، ودلَّني من حيرتي، وأعانني في شدتي؛ إن كنت قبلت دعوتي، وقضيت حاجتي، وأنجحت طلبتي، فألحقني بأختي. ثم صاحت صيحة فارقت الدنيا رحمة الله علينا وعليها.

قال: ثم قامت (٥) الثالثة، ونادت بأعلى صوتها: اللَّهم أيها الجبار


(١) في (خ، ب): عما.
(٢) في (خ): ضرعي. وفي (ق): ذرعي.
(٣) في (خ، ب): أخفي.
(٤) في (خ، ب): وأنت.
(٥) في (خ، ط): قالت.

<<  <  ج: ص:  >  >>