للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذ بعض التتار ماله، (وذلك كله في دولة الملك الظاهر ملك مصر والشام، فلما أخذ ماله) (١) وجعله راعيًا لخيله قال: فطلبت الهروب .... » وساق القصة، وفيها دخول صاحبه إلى حلب، ثم تعرُّفه على شيخ صالح انتقل لاحقًا إلى دمشق بصحبة إسماعيليٍّ، أسلم على يديه، ولزم خدمته، ودفن من بعده بجواره، ثم قال: «وكان صاحب المؤلف يقرأ على هذا الشيخ، وانتفع عليه، .. وابتلي في آخر عمره بالفقر وبالأمراض، حتى يبست أصابع يديه ورجليه، وكان مع ذلك كله صابرًا شاكرًا ذاكرًا … »، ثم قال: «وكان قد ابتلَى الله تعالى هذا الشيخ العالم ببلاءٍ آخر، وهو شيطانٌ من الجن رد على الشيخ في قراءته، فلعنه الشيخ وكذَّبه، فأخذ الشيخ في عين المعاداة، فكان الشيطان لعنه الله إذا دخل الليل يرجف قلوبهم ويرمي عليهم الأحجار، فشكا ذلك للمؤلف، فإنه كان من جنسه ومن طلبته، قال: يا بني، يرمي علينا كل يوم قفتين. قال له: فكان يكسر شيئًا من الأواني أو يصيبكم أنتم؟ قال: لا، ولكن مراده أن يرجفنا. ويرميهم بالأحجار في وسط الدار، وكان للشيخ سُلَّمٌ، وفيه مسمار كبير، فقومه (٢) وأخرجه ورمى به في وجوههم، قال الشيخ: وكان عندي صندوق مقفول وفيه كتب، ففتح الصندوق ورمى كل ما فيه في وجوهنا، وكان يأخذ الغزل من بين يدي الزوجة ويغيب، ثم يرمي به على وجوهنا. قال المؤلف: فقلت له: أنا وفلان نجيء إلى بيت سيدي ونقرأ شيئًا من كتاب الله تعالى. فجئنا وقرأنا البقرة بكمالها، ثم دعونا الله سبحانه؛ فصدَّ الحقُّ الشيطانَ ببركة القرآن، وبعد ذلك ما قرب الدار» (٣) (ص: ٧٣٤ - ٧٣٩).

قلتُ: هذه تفاصيل مهمة، لكن ابن بيدكين ضنَّ علينا بذكر الزمان والمكان، فلا ندري متى توفي الشيخ؟ وأين؟ لكنَّنا سنرجِّح بظنٍّ غالب أنه أقام في دمشق حتى توفي هناك ، وشهد ابن بيدكين وفاته ثم


(١) هذه الزيادة من التركية والألمانية ولم ترد في المصرية.
(٢) أي الشيطان.
(٣) لا ترد هذه القصة في المخطوطة المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>